للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبَعًا لِلْحَالِفِ، فَإِنْ نَكَلَ الْغَيْرُ فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَهَذَا إذَا كَتَبَ الْوَصِيَّةَ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ خَطِّ الشَّاهِدِ، فَإِنْ كَتَبَ بِخَطِّ الشَّاهِدِ - أَوْ لَمْ تُكْتَبْ أَصْلًا - قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ. وَكَذَا إنْ كَتَبَ بِكِتَابَيْنِ أَحَدُهُمَا لِلشَّاهِدِ وَالثَّانِي لِلْآخَرِ، فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَتَصِحُّ لِلْآخَرِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا شَهَادَتُهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي غَيْرِ وَصِيَّةٍ كَدَيْنٍ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا لِتُهْمَةِ جَرِّ النَّفْعِ لِنَفْسِهِ.

(وَلَا) شَهَادَةَ لِشَاهِدٍ (إنْ تَعَصَّبَ) : أَيْ اُتُّهِمَ بِالْعَصَبِيَّةِ وَالْحَمِيَّةِ لِكَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْ قَبِيلَةٍ تَكْرَهُ قَبِيلَةَ الشَّاهِدِ؛ كَمَا يَقَعُ لِلتُّرْكِ مَعَ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ.

(وَلَا) شَهَادَةَ (لِمُمَاطِلٍ) : وَهُوَ مَنْ يُؤَخِّرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الطَّلَبِ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ لِظُلْمِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» .

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [تَبَعًا لِلْحَالِفِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُودُ لَهُ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ لِيَسَارَتِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ. وَبِهَا يُلْغَزُ فَيُقَال دَعْوَى أُخِذَتْ بِشَاهِدٍ بِلَا يَمِينٍ أَوْ يُقَالُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَوْ يُقَالُ شَهَادَةٌ لِلنَّفْسِ مَضَتْ.

قَوْلُهُ: [فَلَا تُقْبَلُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا] : أَيْ سَوَاءٌ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِكَثِيرٍ أَوْ بِقَلِيلٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَخْشَى مُعَاجَلَةَ الْمَوْتِ وَلَا يَجِدُ حَاضِرًا غَيْرَ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

قَوْلُهُ: [كَمَا يَقَعُ لِلتُّرْكِ مَعَ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ] : هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ خَلِيلٌ لَا الْمَجْلُوبِينَ إلَّا كَعِشْرِينَ. قَالَ: الْأَصْلُ الْمُرَادُ بِالْمَجْلُوبِينَ قَوْمٌ مِنْ الْجُنْدِ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ حِرَاسَةِ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعَلَّلَ الْمَنْعَ بِحَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ وَلَعَلَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْقُرُونِ الْأُولَى، وَأَمَّا الْمُشَاهَدُ فِيهِمْ الْآنَ فَحَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ وَشِدَّةُ التَّعَصُّبِ عَلَى أُمَّةِ خَيْرِ الْبَرِّيَّةِ قَاسِيَةً قُلُوبُهُمْ فَاشِيَّةً عُيُوبُهُمْ فَأَنَّى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ شَرْعًا وَلَكِنَّهُمْ يُمْضُونَهَا طَبْعًا (اهـ بِحُرُوفِهِ) .

[شَهَادَة المماطل]

قَوْلُهُ: [وَلَا شَهَادَةَ لِمُمَاطِلٍ] : أَيْ لِأَنَّ الْمَطْلَ قَادِحٌ مِنْ مُبْطِلَاتِ الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ بِهِ فَاسِقًا وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>