(وَ) نُدِبَ لَهُ (اسْتِصْحَابُ هَدِيَّةٍ) لِعِيَالِهِ وَجِيرَانِهِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السُّرُورِ.
وَلَمَّا كَانَ السَّفَرُ مِنْ أَسْبَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ مُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِيهِ، وَأَتْبَعَهُمَا بِالْكَلَامِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي غَيْرِهِ. وَأَسْبَابُهُ سِتَّةٌ: السَّفَرُ، وَالْمَطَرُ، وَالْوَحْلُ مَعَ الظُّلْمَةِ، وَنَحْوَ الْإِغْمَاءِ، وَعَرَفَةَ، وَمُزْدَلِفَةَ - إلَّا أَنَّهُ أَخَّرَ الْأَخِيرَيْنِ لِمَحَلِّهِمَا - فَقَالَ:
(وَرُخِّصَ) جَوَازًا (لَهُ) : أَيْ لِلْمُسَافِرِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (فِي جَمْعِ الظُّهْرَيْنِ) وَالْعِشَاءَيْنِ كَمَا يَأْتِي (بِبَرٍّ) : أَيْ فِيهِ لَا فِي بَحْرٍ؛ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا،
ــ
[حاشية الصاوي]
وَيُوَدِّعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ الدُّعَاءَ، وَأَنْ يُوَدِّعُوهُ وَيَدْعُوا لَهُ بِمَا دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ جَاءَ يُرِيدُ سَفَرًا، وَيَلْتَمِسُ أَنْ يُزَوِّدَهُ فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «زَوَّدَك اللَّهُ التَّقْوَى، وَوَقَاك الرَّدَى، وَغَفَرَ ذَنْبَك، وَيَسَّرَكَ لِلْخَيْرِ حَيْثُمَا كُنْتَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ.
وَأَمَّا إذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ فَالْمُسْتَحَبُّ لِإِخْوَانِهِ أَنْ يَأْتُوا إلَيْهِ وَيُسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَمَا يَقَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عِنْدَ الْوَدَاعِ فَأَنْكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّاجُورِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي السُّنَّةِ. وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ: بَلْ وَرَدَ فِيهَا مَا يَدُلُّ لِجَوَازِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْكَرٍ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ الْقُدُومِ لَيْلًا - فِي حَقِّ ذِي الزَّوْجَةِ - كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ (عب) مِنْ اخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ بِطُولِ الْغَيْبَةِ. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ لِغَيْرِ مَعْلُومِ الْقُدُومِ، وَأَمَّا مَنْ عَلِمَ أَهْلُهُ بِوَقْتِ قُدُومِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الطُّرُوقُ لَيْلًا، وَيُسْتَحَبُّ ابْتِدَاءُ دُخُولِهِ بِالْمَسْجِدِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ لَهُ اسْتِصْحَابُ هَدِيَّةٍ] إلَخْ: أَيْ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا فِي الْأَحَادِيثِ.
[جَمْعِ الصَّلَاة]
قَوْلُهُ: [لِمَحَلِّهِمَا] : أَيْ وَهُوَ بَابُ الْحَجِّ.
قَوْلُهُ: [رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً] : أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا عَلَى مَا فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالرَّاكِبِ.
قَوْلُهُ: [بِبَرٍّ] إلَخْ: وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِالْبَحْرِ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute