وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ، فَلِذَا أَعْقَبَهُ بِهَا فَقَالَ:
(الشُّفْعَةُ) بِسُكُونِ الْفَاءِ، قَالَ عِيَاضٌ: أَصْلُهَا مِنْ الشَّفْعِ ضِدَّ الْوَتْرِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَضُمُّ حِصَّةَ شَرِيكِهِ إلَى حِصَّتِهِ فَيَصِيرُ حِصَّتَيْنِ فَيَكُونُ شَفْعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ وَتْرًا، وَالشَّافِعُ، هُوَ الْجَاعِلُ الْوَتْرَ شَفْعًا (اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَخَرَجَ " بِشَرِيكٍ " اسْتِحْقَاقُ غَيْرِهِ شَيْئًا كَدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ بِوَقْفٍ أَوْ سِلْعَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَالشُّفْعَةُ هِيَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابُ فِي الشُّفْعَةِ وَأَحْكَامِهَا] [تَعْرِيف الشُّفْعَة]
بَابٌ:
أَيْ حَقِيقَتُهَا، وَقَوْلُهُ: " وَأَحْكَامِهَا ": أَيْ مَسَائِلِهَا الَّتِي تَثْبُتُ فِيهَا وَمَا لَا تَثْبُتُ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [فَلِذَا أَعْقَبَهُ بِهَا] : أَيْ جَعَلَهَا عَقِبَهُ وَتَالِيَةً لَهُ.
قَوْلُهُ: [أَصْلُهَا مِنْ الشَّفْعِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ، وَاصْطِلَاحًا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [وَالشَّافِعُ] : أَيْ الْمَأْخُوذُ مِنْ الشُّفْعَةِ لَا مِنْ الشَّفَاعَةِ الَّتِي هِيَ سُؤَالُ الْخَيْرِ لِلْغَيْرِ فَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا.
قَوْلُهُ: [شَرِيكٍ] : أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ لَا بِأَذْرُعٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ، وَلَا بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلِأَشْهَبَ فِيهَا الشُّفْعَةُ. فَإِنْ قُلْت: كُلٌّ مِنْ الْجُزْءِ - كَالثُّلُثِ وَالْأَذْرُعِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ - شَائِعٌ. قُلْت: شُيُوعُهُمَا مُخْتَلِفٌ، إذْ الْجُزْءُ شَائِعٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْكُلِّ وَلَوْ قَلَّ وَلَا كَذَلِكَ الْأَذْرُعُ؛ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ إنْ كَانَتْ خَمْسَةً فَإِنَّمَا تَكُونُ شَائِعَةً فِي قَدْرِهَا أَيْ فِي كُلِّ خَمْسَةٍ مِنْ الْأَذْرُعِ لَا فِي أَقَلَّ مِنْهَا (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) ، وَمُرَادُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الطَّلَبُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِحْقَاقَ الْمَعْهُودَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute