(وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ لِجَوَازِ وُجُودِ نَقْصٍ فَيُغْتَفَرُ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ أَوْ الْحَاجَةِ فَيُؤَدِّي لِأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. (وَمُعَجَّلٍ) مِنْ الدُّيُونِ (قَبْلَ أَجَلِهِ) : لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّصْدِيقُ؛ لِأَنَّ مَا عُجِّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ سَلَفٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا فَيُغْتَفَرُ لِلتَّعْجِيلِ فَيَكُونُ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا.
(وَ) لَا يَجُوزُ (صَرْفٌ مَعَ بَيْعٍ) : أَيْ اجْتِمَاعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، كَأَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ فِيهِ دِينَارَيْنِ وَيَأْخُذَ صَرْفَ دِينَارٍ دَرَاهِمَ، لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا؛ لِجَوَازِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الصَّرْفِ. وَكَذَا لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ أَوْ الصَّرْفِ مَعَ جُعْلٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ قِرَاضٍ، وَلَا اجْتِمَاعُ اثْنَيْنِ مِنْهَا فِي عَقْدٍ. نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ مَا عُجِّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ سَلَفٌ] : قَالَ الْخَرَشِيُّ: الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْغِرْيَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ إذَا وَقَعَ فِي الْقَرْضِ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْبَيْعِ لِأَجَلٍ عَدَمُ الْفَسْخِ عَلَى ظَاهِرِهَا، كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِظَاهِرِهَا. وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ كَالْمَبِيعِ لِأَجَلٍ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَأَنَّ الْمُعَجَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ يُرَدُّ وَيَبْقَى حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ. وَأَمَّا الصَّرْفُ فَيُرَدُّ وَكَذَا مُبَادَلَةُ الرِّبَوِيِّينَ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ فَسْخِهِمَا.
[تَنْبِيه بَيْع سِلْعَة بِدِينَارِ إلَّا دِرْهَمَيْنِ]
قَوْلُهُ: [وَلَا يَجُوزُ صَرْفٌ مَعَ بَيْعٍ] : أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِ جَمْعِهِمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعَقْدَ احْتَوَى عَلَى أَمْرَيْنِ كُلُّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عَلَى انْفِرَادِهِ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ حَرَّمَهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَهُ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ، وَالْوَرِقَ بِالْوَرِقِ مَعَ كُلِّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ - ابْنُ رُشْدٍ. وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ.
قَوْلُهُ: [لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا] : أَيْ وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ. قَوْلُهُ: [وَلَا اجْتِمَاعُ اثْنَيْنِ مِنْهَا] : حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ الْعَقْلِيَّةَ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي مِثْلِهَا؛ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ وَالْبَاقِي إحْدَى وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ مَعَ مَا بَعْدَهُ تَبْلُغُ ذَلِكَ الْعَدَدَ فَلْيُفْهَمْ.
قَوْلُهُ: [وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ] : الْمُرَادُ بِهِ (بْن) نَظَمَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute