(وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ هِبَةُ الثَّوَابِ مِنْ مَالِهِ (وَالْأَبِ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ (هِبَةُ الثَّوَابِ) لَا غَيْرُهَا، فَلَا يَجُوزُ. كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِبْرَاءُ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ. وَلَا يَجُوزُ لِوَصِيٍّ وَلَا حَاكِمٍ وَلَا غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ هِبَةُ ثَوَابٍ وَإِلَّا إبْرَاءٌ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْهِبَةِ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْعُمْرَى وَحُكْمِهَا، لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْهِبَةِ، فَقَالَ: (وَجَازَتْ الْعُمْرَى) ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ: الْإِذْنُ فِيهَا شَرْعًا، فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَعَرَّفَهَا بِقَوْلِهِ: (وَهِيَ) : أَيْ الْعُمْرَى (تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مَمْلُوكٍ) : عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ، إنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ كَفَرَسٍ وَبَعِيرٍ (حَيَاةَ الْمُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكِ أَيْ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطَى (بِغَيْرِ عِوَضٍ) . فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ " تَمْلِيكُ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْهِبَةِ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ جَازَ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بِهِ عُرْفٌ وَلَا عَادَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ (عب) : جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ فِيهَا الْقِيمَةُ وَيُقْضَى عَنْهَا بِمَا يُقْضَى بِهِ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ، أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتُرَدُّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ عِوَضَهَا مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ
قَوْلُهُ: [وَلِلْمَأْذُونِ] : خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْأَبِ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَهِبَةُ الثَّوَابِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ.
قَوْلُهُ: [لَا غَيْرُهَا] : أَيْ كَالتَّبَرُّعَاتِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَجُوزُ لِوَصِيٍّ وَلَا حَاكِمٍ] : مُحْتَرَزُ الْأَبِ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَا غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ] : مُحْتَرَزُ الْمَأْذُونِ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا إبْرَاءٌ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْأَلِفِ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى هِبَةُ.
[الْعُمْرَى وَحُكْمِهَا]
قَوْلُهُ: [الْإِذْنُ] : أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: [إنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ] : أَيْ كَثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَسِلَاحٍ وَحَيَوَانٍ. قَالَ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قِيلَ فَإِنْ أَعْمَرَ ثَوْبًا أَوْ حُلِيًّا قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا، وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ وَفِيهَا فِي الْعَارِيَّةِ وَلَمْ أَسْمَعْ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا وَهِيَ عِنْدِي عَلَى مَا أَعَارَهَا عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ، أَبُو الْحَسَنِ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْمَرِ رَدَّهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute