وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى زَكَاةِ الْحَرْثِ فَقَالَ:
(وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) جَمْعُ وَسْقٍ - بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ - سِتُّونَ صَاعًا (فَأَكْثَرَ) : إذْ لَا وَقْصَ فِي الْحَبِّ.
(مِنْ الْحَبِّ) : بَيَانٌ لِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْهَارِبُ إنْ نَقَصَتْ عَلَى مَا فَرَّ بِهِ. وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا - كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَادًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. نَعَمْ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَمَل بِهَا إلَّا عَامُ الْأَخْذِ فَعَلَى مَا وَجَدَ كَذَا فِي (عب) . وَفِي (بْن) اعْتِبَارٌ تَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ حَتَّى فِي عَامِ الِاطِّلَاعِ. مَسْأَلَةٌ:
يُؤْخَذُ مِنْ الْخَوَارِجِ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ زَكَّاهُ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَقْتَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، إلَّا أَنْ يَدَّعُوا دَفْعُهَا فَيَصْدُقُوا. مَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُمْ عَلَى الْإِمَامِ لِمَنْعِهَا فَلَا يَصْدُقُونَ فِي دَفْعِهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
[زَكَاة الْحَرْثِ]
قَوْلُهُ: [وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ] : أَيْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ فِي مِلْكِ وَاحِدٍ. فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ سِتَّةَ عَشْرَ وَسْقًا عَلَى أَرْبَعَةٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ لِكُلٍّ.
قَوْلُهُ: [سِتُّونَ صَاعًا] : كُلُّ صَاعٍ: أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، كُلّ مَدٍّ: رَطْلٌ وَثُلُثُ، كُلُّ رِطْلٍ: مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا، لِأَنَّهُ وَرَدَ: «الْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ وَالْكَيْلُ كَيْلُ الْمَدِينَةِ» ، لِأَنَّ مَكَّةَ مَحَلُّ التِّجَارَةِ الْمَوْزُونَةِ وَالْمَدِينَةِ مَحَلِّ الزَّرْعِ وَالْبَسَاتِينِ، فَيَعْتَنُونَ بِالْكَيْلِ. وَكُلُّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ وَخُمْسَا حَبَّةٍ مِنْ وَسَطِ الشَّعِيرِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَيُوزَنُ الْقَدْرُ الْمَعْلُومُ مِنْ الشَّعِيرِ، وَيُكَالُ. ثُمَّ الضَّابِطُ مِقْدَار الْكَيْلِ فَلَا يُقَالُ الْوَزْن يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ. وَتَقْرِيبُ النِّصَابِ بِكَيْلِ مِصْرَ أَرْبَعَةُ أَرَادِبِ وَوَيْبَةٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلّ رُبْعٍ مُصَرٍّ: ثَلَاثَةُ آصُعَ. فَالْأَرْبَعَةُ أَرَادِبِ وَوَيْبَةٍ: ثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute