(وَوَجَبَ) الْكِرَاءُ (فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ) بِالْفِعْلِ: أَيْ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ.
(وَ) يَجِبُ (فِي غَيْرِهَا) : أَيْ غَيْرِ أَرْضِ النِّيلِ، وَهِيَ أَرْضُ الْمَطَرِ وَالسَّقْيِ (إذَا تَمَّ الزَّرْعُ) وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ أَرْضَ النِّيلِ لَا تَفْتَقِرُ لِمَاءٍ بَعْدَ الزَّرْعِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا.
(وَ) جَازَ كِرَاءُ الْأَرْضِ (عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا ثَلَاثًا) مَثَلًا، وَيَزْرَعَهَا فِي الرَّابِعَةِ، وَالْكِرَاءُ إلَى الْحَرْثِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ كَدَرَاهِمَ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الزِّبْلِ الْآتِي. وَهَذَا فِي الْأَرْضِ الْمَأْمُونَةِ إذْ غَيْرُهَا يَفْسُدُ فِيهَا الْكِرَاءُ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ النَّقْدِ.
(أَوْ) عَلَى شَرْطِ (أَنْ يُزَبِّلَهَا) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ (إنْ عُرِفَ) مَا يُزَبِّلُهَا بِهِ نَوْعًا وَقَدْرًا؛ كَعَشَرَةِ أَحْمَالٍ، وَإِلَّا مُنِعَ لِلْجَهْلِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ] : أَيْ إنْ شَحَّ رَبُّ الْأَرْضِ؛ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُقِدَ الْكِرَاءُ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ وَسَكَتَ عَنْ النَّقْدِ حِينَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِكَشْفِ الْمَاءِ عَنْهَا، وَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ فَلَا يَقْضِي بِالنَّقْدِ فِيهَا إلَّا إذَا زَرَعَهَا وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَيَجِبُ فِي غَيْرِهَا] : أَيْ إنْ شَحَّ رَبُّ الْأَرْضِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ أَرْضَ النِّيلِ لَا تَفْتَقِرُ لِمَاءٍ] إلَخْ: أَيْ افْتِقَارًا تَامًّا وَهَذَا فِي غَالِبِ الزُّرُوعَاتِ وَغَالِبُ الْأَرَاضِي، فَلَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَ الزُّرُوعَاتِ كَالْأُرْزِ وَالْقَصَبِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْمَاءِ بَعْدَ الزَّرْعِ وَبَعْضُ الْأَرَاضِي الْعَالِيَةِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ السَّقْيِ بَعْدَ الزَّرْعِ فِي أَيِّ زَرْعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقْضِي لِرَبِّ الْأَرْضِ بِالْأُجْرَةِ بِمُجَرَّدِ الرَّيِّ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فَتَأَمَّلْ.
[كِرَاءُ الْأَرْضِ]
قَوْلُهُ: [وَكَذَا يُقَالُ فِي الزِّبْلِ الْآتِي] : أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً وَحْدَهُ أَوْ مَعَ كَالدَّرَاهِمِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ النَّقْدِ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَرْثُ وَالتَّزْبِيلُ هُوَ كُلُّ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْضُهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُزَبِّلَهَا] : أَيْ يَضَعُ فِيهَا سِبَاخًا زِبْلًا أَوْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا صَحَّ كَوْنُهَا أُجْرَةً لِأَنَّ لَهُ مَنْفَعَةً تَبْقَى فِي الْأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute