للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَرُدَّتْ) وُجُوبًا إنْ أَقْرَضَهَا لِمَنْ تَحِلُّ (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) عِنْدَهُ (بِوَطْءٍ أَوْ غَيْبَةٍ) عَلَيْهَا (ظُنَّ وَطْؤُهَا فِيهَا، أَوْ تَغَيُّرُ ذَاتٍ) : أَوْ حَوَالَةُ سُوقٍ (فَالْقِيمَةُ) تَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ (لَا الْمِثْلُ) وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا إنْ وَطِئَهَا أَوْ غَابَ عَلَيْهَا غَيْبَةً يُظَنُّ بِهَا الْوَطْءُ، وَجَازَ إنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهِ.

(وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ) : أَيْ هَدِيَّةُ الْمُقْتَرَضِ لِمَنْ أَقْرَضَهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ. (كَرَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ) : يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُهْدِيَ لِلْآخَرِ هَدِيَّةً.

(وَ) حَرُمَ هَدِيَّةُ (الْقَاضِي) : أَيْ الْإِهْدَاءُ لَهُ (وَذِي الْجَاهِ) : أَيْ مِنْ حَيْثُ جَاهُهُ بِحَيْثُ يُتَوَصَّلُ بِالْهَدِيَّةِ لَهُ إلَى أَمْرٍ مَمْنُوعٍ أَوْ إلَى أَمْرٍ يَجِبُ عَلَى ذِي الْجَاهِ دَفْعُهُ عَنْ الْمُهْدِي بِلَا تَعَبٍ وَلَا حَرَكَةٍ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ فِي قَضَاءِ مَصَالِحِهِ إلَى نَحْوِ ظَالِمٍ أَوْ سَفَرٍ لِمَكَانٍ، فَيَجُوزُ كَالْهَدِيَّةِ لَهُ لَا لِحَاجَةٍ،

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَهُ بِوَطْءٍ] : أَيْ وَأَوْلَى بِاسْتِيلَادٍ، وَتَكُونُ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ خِلَافًا لِ (عَبَّ) لِأَنَّ لُزُومَ قِيمَتِهَا بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ أَوْ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا أَوْجَبَ أَنَّهَا حَمَلَتْ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ فَتَكُونُ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ. وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [وَظُنَّ وَطْؤُهَا فِيهَا] : مَفْهُومٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظُنَّ وَطْئَهَا فِيهَا لَا تَفُوتُ بِتِلْكَ الْغَيْبَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. فَالْغَيْبَةُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ: فَوْتٌ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: لَيْسَتْ فَوْتًا مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ ظُنَّ فِيهَا فَوْتٌ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: [وَجَازَ إنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهِ] : هُوَ تَغَيُّرُ الذَّاتِ وَلَيْسَ فِي الْإِمْضَاءِ حِينَئِذٍ تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ لِأَنَّ ذَاتَهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ:

[هَدِيَّة المقترض لِمِنْ أقرضه]

قَوْلُهُ: [وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ] إلَخْ: قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْهَدِيَّةِ حَقِيقَتَهَا فَقَطْ، بَلْ كُلُّ مَا حَصَلَ بِهِ الِانْتِفَاعُ كَرُكُوبِ دَابَّةِ الْمُقْتَرِضِ وَالْأَكْلِ فِي بَيْتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْإِكْرَامِ وَشُرْبِ قَهْوَتِهِ وَالتَّظَلُّلِ بِجِدَارِهِ (اهـ) . وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي الْحَاشِيَةِ: جَوَازُ الشُّرْبِ وَالتَّظَلُّلِ وَالْأَكْلِ إنْ كَانَ لِأَجْلِ الْإِكْرَامِ لَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ.

قَوْلُهُ: [كَرَبِّ الْقِرَاضِ] إلَخْ: إنَّمَا حَرُمَ عَلَيْهِ إهْدَاؤُهُ لِلْعَامِلِ لِئَلَّا يُقْصَدَ بِذَلِكَ اسْتِدَامَةُ عَمَلِهِ، وَحُرْمَةُ هَدِيَّةِ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ أَمَّا قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ فَلَا خِلَافَ لِأَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَخْذَهُ مِنْهُ فَيُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَهْدَى لَهُ لِيَبْقَى الْمَالُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ فَلِتَرَقُّبِهِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ مُعَامَلَتُهُ ثَانِيًا بَعْدَ نَضُوضِ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>