وَإِنَّمَا هِيَ لِمَحَبَّةٍ أَوْ اكْتِسَابِ جَاهٍ، وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ، هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: نَعَمْ يَجُوزُ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ (اهـ) .
(إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ) لِمَنْ أَهْدَى لِمَنْ ذُكِرَ هَدِيَّةً (مِثْلَهَا أَوْ يَحْدُثَ) لِمَنْ ذَكَرَ (مُوجِبٌ) يَقْتَضِي الْإِهْدَاءَ لَهُ عَادَةً، كَفَرَحٍ أَوْ مَوْتِ أَحَدٍ عِنْدَهُ أَوْ سَفَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ.
(وَ) كَمَا تَحْرُمُ الْهَدِيَّةُ يَحْرُمُ (بَيْعُهُ مُسَامَحَةً) لِذَلِكَ لَا لِأَجْلِ وَجْهِ اللَّهِ أَوْ لِأَجْلِ أَمْرٍ اقْتَضَى ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ بَعْضُهُمْ] : أَيْ وَفِيهِ أَيْضًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ عَنْ ثَمَنِ الْجَاهِ؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي حُكْمِ ثَمَنِ الْجَاهِ فَمِنْ قَائِلٍ بِالتَّحْرِيمِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ قَائِلٍ بِالْكَرَاهَةِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ مُفَصِّلٍ فِيهِ، وَأَنَّهُ إنْ كَانَ ذُو الْجَاهِ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ وَتَعَبٍ وَسَفَرٍ وَأَخْذِ مِثْلِ أَجْرِ مِثْلِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِلَّا حَرُمَ، وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيُّ عَمَّنْ يَحْرُسُ النَّاسَ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُخِيفَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِشُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ لَهُ جَاهٌ قَوِيٌّ بِحَيْثُ لَا يُتَجَاسَرُ عَلَيْهِ عَادَةً، وَأَنْ يَكُونَ سَيْرُهُ مَعَهُمْ بِقَصْدِ تَجْوِيزِهِمْ فَقَطْ لَا لِحَاجَةٍ لَهُ وَأَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةِ أَوْ يَدْخُلَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِمَا يَدْفَعُونَهُ لَهُ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ، يَعْنِي الْأَخْذُ عَلَى الْجَاهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ. وَلَوْ جَاءَتْ مُغَرِّمَةً لِجَمَاعَةٍ وَقَدَرَ أَحَدُهُمْ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، لَكِنَّ حِصَّتَهُ تَلْحَقُ غَيْرَهُ، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ؟ أَقْوَالٌ. وَعُمِلَ فِيمَا يَأْخُذُهُ الْمُكَّاسُ مِنْ الْمَرْكَبِ أَوْ الْقَافِلَةِ مَثَلًا بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّهُمْ نَجَوْا بِهِ.
قَوْلُهُ: [لِمَنْ ذَكَرَ] : أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقْرَضُ وَرَبُّ الْقِرَاضِ وَعَامِلُهُ وَالْقَاضِي وَذُو الْجَاهِ.
قَوْلُهُ: [بَيْعُهُ مُسَامَحَةً] : أَيْ بِغَبْنٍ. وَأَمَّا بِغَيْرِ غَبْنٍ فَقِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَاسْتَظْهَرَ الْأَوَّلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute