وَسَرِقَةٍ - أَمْ لَا. فَمَنْ حَلَّفَهُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ: لَقَدْ وَفَّاهُ وَأَنَّهُ مَا سَرَقَ أَوْ مَا غَصَبَ فَحَلَفَ، وَقَالَ نَوَيْت مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ عَرَضٍ وَاَلَّذِي عَلَيَّ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَمْ يُفِدْهُ وَلَزِمَهُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَبِغَيْرِهِ، أَوْ حَلَفَ مَا سَرَقْت وَقَالَ: نَوَيْت مِنْ الصُّنْدُوقِ وَسَرِقَتِي كَانَتْ مِنْ الْخِزَانَةِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يُفِدْهُ. وَكَذَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَحَلَّفَتْهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا فَاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، فَحَلَفَ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَادَّعَى نِيَّةَ شَيْءٍ لَمْ تُفِدْهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لِأَنَّهُ اعْتَاضَ هَذَا الْيَمِينَ مِنْ حَقِّهِ فَصَارَتْ الْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ دُونَ الْحَالِفِ.
(ثُمَّ) إذَا عُدِمَتْ النِّيَّةُ الصَّرِيحَةُ اُعْتُبِرَ (بِسَاطُ يَمِينِهِ) فِي التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ. (وَ) الْبِسَاطُ: (هُوَ) السَّبَبُ (الْحَامِلُ عَلَيْهَا) : أَيْ عَلَى الْيَمِينِ إذْ
ــ
[حاشية الصاوي]
شَارِحِنَا بِأَنْ اُسْتُحْلِفَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ: الْأُولَى الَّتِي قَالَهَا شَارِحُنَا عَدَمُ قَبُولِ نِيَّتِهِ إذَا اسْتَحْلَفَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ مَتَى حَلَفَ وَإِنْ طَاعَ بِهَا وَهِيَ الَّتِي اعْتَمَدَهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحَاشِيَةِ الْأَصْلِ وَالْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ اعْتَاضَ هَذَا الْيَمِينَ مِنْ حَقِّهِ] : أَيْ كَأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ عِوَضٌ عَنْ حَقِّهِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَحَلَّفَهُ فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ، قَالَ الْخَرَشِيُّ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ اتِّفَاقًا، وَفِي غَيْرِهَا عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ.
قَوْلُهُ: [النِّيَّةُ الصَّرِيحَةُ] : تَقْيِيدُهُ بِالصَّرِيحَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْبِسَاطَ نِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: هُوَ نِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: [فِي التَّخْصِيصِ] : لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ التَّعْمِيمُ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لِفُلَانٍ طَعَامًا، وَكَانَ السَّبَبُ الْحَامِلُ لَهُ دَفْعَ الْمَنِّ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي.
[مِمَّا يُخَصِّصُ الْيَمِينَ بِسَاط النِّيَّة]
قَوْلُهُ: [هُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَيْهَا] : هَذَا تَعْرِيفٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي بِالْمَقَامِ وَقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا كَمَا فِي بَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْبِسَاطَ يَجْرِي فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute