يُصَلِّيَ بِهِ، إذْ لَيْسَ مِنْ نَوَاقِضِهِ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ. وَمِثْلُ الْوُضُوءِ الْغُسْلُ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ فَيُرْتَفَضَانِ فِي الْأَثْنَاءِ قَطْعًا، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الصَّوْمِ لَا بَعْدَ تَمَامِهَا عَلَى أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ الْمُرَجَّحَيْنِ. وَأَمَّا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَلَا يُرْتَفَضَانِ مُطْلَقًا وَيَرْتَفِضُ التَّيَمُّمُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُصَلِّ بِهِ، لِضَعْفِهِ.
(وَسُنَنُهُ: غَسْلُ يَدَيْهِ إلَى كُوعَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ، إنْ أَمْكَنَ
ــ
[حاشية الصاوي]
نَقْلًا عَنْ (ب ن) .
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ] : أَيْ وَمِثْلُهُمَا الِاعْتِكَافُ لِاحْتِوَائِهِ عَلَيْهِمَا. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ؛ وَهُوَ أَنَّ رَفْضَ الْوُضُوءِ جَائِزٌ، كَمَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَى الْمَسِّ، وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَفِي الْحَجِّ نَظَرٌ، وَأَمَّا الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالِاعْتِكَافُ فَالْحُرْمَةُ، وَبَعْضُ الشُّيُوخِ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّفْضِ وَنَقْضِ الْوُضُوءِ فَمَنَعَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَالْوُضُوءُ عَمَلٌ، قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْمَالِ الْمَقَاصِدُ لَا الْوَسَائِلُ، وَحِينَئِذٍ فَرَفْضُ الْوُضُوءِ كَنَقْضِهِ جَائِزٌ، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّبْرَخِيتِيُّ. تَنْبِيهٌ:
لَوْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ بِكَثِيرٍ تَضُرُّ اتِّفَاقًا، وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ، وَأَمَّا تَأَخُّرُهَا فَيَضُرُّ مُطْلَقًا لِخُلُوِّ بَعْضِهِ عَنْ النِّيَّةِ، فَيَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ أَوَّلُ الْوُضُوءِ مَا نَوَى عِنْدَهُ.
[سُنَن الْوُضُوء]
قَوْلُهُ: [غَسْلُ يَدَيْهِ] : أَيْ تَعَبُّدًا، كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي إنَائِهِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» ، فَتَعْلِيلُهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْقُولٌ، وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلتَّعَبُّدِ بِالتَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثِ، إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا ذَلِكَ، وَحَمَلَهُ أَشْهَبُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ (انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
[قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: السُّنَّةُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْغَسْلِ خَارِجَ الْإِنَاءِ مُطْلَقًا سَوَاءً تَوَضَّأَ مِنْ نَهْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ إنَاءٍ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute