وَالْقَاضِي إذَا عُزِلَ لِجُنْحَةٍ فَلَا تَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ بَعْدُ وَلَوْ صَارَ أَعْدَلَ، أَهْلِ زَمَانِهِ. وَالسُّخَامُ - بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ: هُوَ الدُّخَانُ اللَّاصِقُ بِأَوَانِي الطَّبْخِ. وَقِيلَ: لَهُ حَلْقُ لِحْيَتِهِ وَتَسْخِيمُ وَجْهِهِ، قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
(وَ) عَزَّرَ (مَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ) فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِقَبِيحٍ، نَحْوُ: فَاجِرٍ وَظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَكَذَّابٍ، وَأَوْلَى مَا كَانَ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ كَالسَّبِّ الْقَبِيحِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ لِبَيِّنَةٍ، بَلْ يَسْتَنِدُ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ يُصَانُ عَنْ ذَلِكَ. وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَرْكُهُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ الثُّبُوتِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. (أَوْ) أَسَاءَ عَلَى (مُفْتٍ) نَحْوُ أَنْتَ تُفْتِي بِالْبَاطِلِ أَوْ: بِهَوَاك وَنَحْوِ ذَلِكَ. (أَوْ) أَسَاءَ عَلَى (شَاهِدٍ) نَحْوُ: مُزَوِّرٌ وَتَشْهَدُ بِالزُّورِ. (لَا بِشَهَدْتُ) : أَيْ لَا يُعَزِّرُ بِقَوْلِهِ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَهِدْت (بِبَاطِلٍ) بِخِلَافِ زُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبَاطِلِ الزُّورُ إذْ الْبَاطِلُ أَعَمُّ مِنْ الزُّورِ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ لَهُ حَلْقُ لِحْيَتِهِ] أَيْ لِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الْفُجُورِ وَالْبِدَعِ. .
[تَعْزِير مَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ]
قَوْلُهُ: [بِقَبِيحٍ] : مُتَعَلِّقٌ بَأْسَاءَ وَالتَّعْزِيرُ يَكُونُ عَلَى حُكْمِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ قَذْفٌ لِعَفِيفٍ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ.
قَوْلُهُ: [وَفَاسِقٍ] : الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ وَجَعْلُهُ مِثَالًا لِلسَّبِّ الْقَبِيحِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ لِبَيِّنَةٍ] : اسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِسَاءَةِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ يَسْتَنِدُ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ] : اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ وَهِيَ تَأْدِيبُ الْقَاضِي لِمَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى خَصْمِهِ، أَوْ عَلَى الشَّاهِدِ، أَوْ عَلَى الْمُفْتِي بِمَجْلِسِهِ مُسْتَنِدًا لِعِلْمِهِ، تُزَادُ عَلَى قَوْلِهِمْ: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَنِدَ لِعِلْمِهِ إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ] : أَيْ وَلَا يَسْتَنِدُ فِيهِمَا الْقَاضِي لِعِلْمِهِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ زُورٍ] : فِي الْمَوَّاقِ ابْنِ كِنَانَةَ لَوْ قَالَ: شَهِدْت عَلَيَّ بِزُورٍ فَإِنْ عَنَى أَنَّهُ شَهِدَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَمْ يُعَاقَبْ، وَإِنْ قَصَدَ أَذَاهُ وَإِشْهَارَهُ بِأَنَّهُ مُزَوِّرٌ نُكِّلَ بِقَدْرِ حَالِ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (اهـ) وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا أَرَادَهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ (اهـ عب) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute