للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَذَّرَ) الطَّلَبُ (مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ) لِمَوْتِهِ أَوْ عُسْرِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ لَا إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ غَرِيمُهُ وَهُوَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى رُجُوعِ الشَّاهِدِينَ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَقَالَ: (وَإِنْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا (جُمِعَ) : وَلَا تَسْقُطُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ إرْدَبًّا مِنْ قَمْحٍ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةً ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِإِرْدَبٍّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ أُخْرَى، أَوْ ادَّعَى بِأَنَّهُ أَسْلَمَهُ ثَوْبًا فِي مِائَةِ إرْدَبِّ

ــ

[حاشية الصاوي]

يَغْرَمَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فَيَغْرَمَانِ لَهُ حِينَئِذٍ، وَلَكِنْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِعَيْنِ بِالْغُرْمِ هَرَبَ أَوْ لَمْ يَهْرُبْ. فَإِنْ أَغْرَمَ أَغْرَمَهُمَا.

قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ] : الْمُنَاسِبُ مُطَالَبَتُهُمَا.

[حُكْمِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ]

قَوْلُهُ: [عَلَى رُجُوعِ الشَّاهِدِينَ] : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الدَّالِ جَمْعُ شَاهِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ قَوْلُهُ: [وَإِنْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ] : عَرَّفَ التَّعَارُضَ بِأَنَّهُ اشْتِمَالُ كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى مَا يُنَافِي الْأُخْرَى.

قَوْلُهُ: [وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ] : أَيْ عَقْلًا.

قَوْلُهُ: [جُمِعَ] : أَيْ بِالْفِعْلِ أَيْ عُمِلَ بِهِ وَصُيِّرَ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ] : الْأَظْهَرُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْمُدَّعِي الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: [بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ إرْدَبًّا مِنْ قَمْحٍ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي هَذَا الْمِثَالِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْإِرْدَبَّيْنِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُقَدَّمُ فِي الْإِقْرَارِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ فَالْمِائَتَانِ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ أَمْوَالٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْكِتَابَةِ فَمَالٌ وَاحِدٌ عَلَى التَّحْقِيقِ. كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ بِأَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةً، ثُمَّ أَقَرَّ عِنْدَ أُخْرَى بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ مِائَةً فَمِائَةٌ فَقَطْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ اخْتِلَافَ السَّبَبِ وَاتَّفَقَا صِفَةً وَقَدْرًا وَإِلَّا فَالْمِائَتَانِ نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ ثُمَّ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ قَالَ: مِائَةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ، ثُمَّ مِائَةٌ يَزِيدِيَّةٌ (اهـ) فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِرْدَبَّانِ فِي مِثَالِ الشَّارِحِ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا أَوْ صِفَتُهُمَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمِثَالَ لَيْسَ مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي شَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>