أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
(مَعَ الْإِهَانَةِ وَالصَّغَارِ) أَيْ الْمَذَلَّةِ حِينَ أَخْذِهَا مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]
وَلَا تُقْبَلُ مِنْ نَائِبٍ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ لِيَذُوقَ الْمَذَلَّةَ بِصَفْعِهِ عَلَى قَفَاهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ بِدُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ.
[سُقُوط الْجِزْيَةَ بالإسلام]
(وَسَقَطَتَا) : أَيْ الْجِزْيَةُ الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ (بِالْإِسْلَامِ) وَبِالْمَوْتِ وَلَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ تَارَةً يُصَالِحُ عَلَى الْجِزْيَةِ مُبْهَمَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ قَدْرَهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَلْزَمُهُ قَبُولُ جِزْيَةِ الْعَنْوِيِّ إذَا بَذَلُوهَا، وَتَارَةً يَتَرَاضَى مَعَهُمْ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُمْ مَا تَرَاضَوْا مَعَهُ عَلَيْهِ، وَتَارَةً لَا يَتَرَاضَوْنَ مَعَهُ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَا عَلَى جِزْيَةٍ مُبْهَمَةٍ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُخْتُلِفَ إذَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ الْعَنْوِيَّةَ هَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُقَاتَلَتُهُمْ حِينَئِذٍ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ، وَيَجُوزُ لَهُ مُقَاتَلَتُهُمْ حَتَّى يَرْضَوْنَهُ، قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: لِابْنِ رُشْدٍ وَرَجَّحَهُ بْن، وَالثَّانِي: لِابْنِ حَبِيبٍ وَرَجَّحَهُ الْقَرَافِيُّ.
قَوْلُهُ: [وَسَقَطَتَا] إلَخْ: وَفِي سُقُوطِهِمَا بِالتَّرَهُّبِ الطَّارِئِ وَعَدَمِ سُقُوطِهِمَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ: وَمَنْ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِفِرَارِهِ بِهَا أُخِذَتْ مِنْهُ لِمَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ لِعُسْرٍ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ، وَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ. تَنْبِيهٌ:
مِمَّا أَسْقَطَهُ مَالِكٌ عَنْهُمْ أَيْضًا أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي قَدَّرَهَا عَلَيْهِمْ الْفَارُوقُ مَعَ الْجِزْيَةِ، وَهِيَ عَلَى مَنْ بِالشَّامِ وَالْحِيرَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مُدْيَانِ مِنْ الْحِنْطَةِ - تَثْنِيَةُ مُدْيٍ - وَهُوَ مِكْيَالٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَنِصْفًا كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ، وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ، وَالْقِسْطُ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ، وَعَلَى مَنْ بِمِصْرَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إرْدَبُّ حِنْطَةٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَالْكِسْوَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ التَّمْرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ كِسْوَةٍ كَانَ يَكْسُوهَا عُمَرُ لِلنَّاسِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي مَا هِيَ؟ وَإِضَافَةُ الْمُجْتَازِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثًا مِنْ الْأَيَّامِ، وَإِنَّمَا أَسْقَطَهَا مَالِكٌ عَنْهُمْ لِلظُّلْمِ الْحَادِثِ عَلَيْهِمْ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute