للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيقَةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ بِأَخَصَّ وَلَا أَعَمَّ، أَيْ فَلَا يُعَرَّفُ الْإِنْسَانُ مَثَلًا بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ غَيْرُ فَرَسٍ فَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ: بِلَا خَوْفِ قَتْلٍ، لَسَلِمَ مِنْ التَّرْكِيبِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ رَسْمِيٌّ فَيَكُونُ فِيهِ مَا يُشْعِرُ بِتَمْيِيزِ الْمَحْدُودِ عَنْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَخْذِ: الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِالْفِعْلِ، فَمَنْ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ شَخْصٍ بِأَنْ مَنَعَ رَبَّهُ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ مَوْضِعِهِ فَهُوَ غَاصِبٌ. وَحُرْمَتُهُ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدٌّ مَخْصُوصٌ.

(وَأُدِّبَ) غَاصِبٌ (مُمَيِّزٌ) وَلَوْ صَبِيًّا بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ لِحَقِّ اللَّهِ. وَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ - بِضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ أَوْ هُمَا أَوْ مَعَ نَفْيٍ؛ فَإِنَّ الْغَاصِبَ قَدْ يَكُونُ مَشْهُورًا بِذَلِكَ، ذُو بَغْيٍ وَطُغْيَانٍ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ كَبِيرًا وَقَدْ يَكُونُ صَغِيرًا، فَالْحَاكِمُ لَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: إنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ لَا يُؤَدَّبُ لِحَدِيثِ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» ، فَذَكَرَ فِيهِ الصَّبِيَّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَأْدِيبَهُ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [لَيْسَتْ بِأَخَصَّ وَلَا أَعَمَّ] : أَيْ بَلْ مُبَايِنَةٌ.

قَوْلُهُ: [بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ غَيْرُ فَرَسٍ] : أَيْ فَهَذَا التَّعْرِيفُ مِنْ حَقِيقَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ وَهُوَ مَعِيبٌ عِنْدَهُمْ.

قَوْلُهُ: [لَسَلِمَ مِنْ التَّرْكِيبِ] : أَيْ وَتَخْرُجُ الْحِرَابَةُ بِهَذَا الْقَيْدِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ.

قَوْلُهُ: [وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ رَسْمِيٌّ] : أَيْ لَا حَدٌّ حَقِيقِيٌّ وَالتَّرْكِيبُ مَعِيبٌ دُخُولُهُ فِي الْحُدُودِ لَا فِي الرُّسُومِ.

قَوْلُهُ: [وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدٌّ مَخْصُوصٌ] : أَيْ وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَدَبُ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ.

[تَأْدِيب الْغَاصِب]

قَوْلُهُ: [وَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ] : أَيْ خِلَافًا لِلْمُتَيْطِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا يُؤَدَّبُ إذَا عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: [وَطُغْيَانٍ] : مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: [فَذَكَرَ فِيهِ الصَّبِيَّ حَتَّى يَحْتَلِمَ] : أَيْ وَالْمَجْنُونَ حَتَّى يُفِيقَ وَالنَّائِمَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>