(قُضِيَ) بِالْحِنْثِ (عَلَى الْأَوَّلِ) لِحَلِفِهِ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ، بِخِلَافِ الثَّانِي.
(وَلَوْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ مَثَلًا عَلَى شَرْطَيْنِ، وَيُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ كَمَا لَوْ (قَالَ: إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ (لَمْ يَحْنَثْ) الْحَالِفُ (إلَّا بِهِمَا) مَعًا، سَوَاءٌ فَعَلَ الْمُتَقَدِّمَ فِي اللَّفْظِ أَوْ لَا أَوْ أَخَّرَ أَوْ فَعَلَهُمَا مَعًا فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْجَمْعُ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْيَمِينِ مِنْ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ. لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا قَوْلُ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - فِيمَا عَلِمْت - أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَفْعَلَ فِعْلَيْنِ فَفَعَلَ أَحَدَهُمَا، أَوْ لَا يَفْعَلُ فِعْلًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ أَنَّهُ حَانِثٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ إذْ هُوَ بَعْضُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ - انْتَهَى، لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ إمَّا لَا تَعْلِيقَ فِيهِ أَصْلًا كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ - أَوْ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَاحِدٌ، وَهُنَا فِيهِ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ، وَالْمُعَلَّقُ لَا يَقَعُ إلَّا بِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ هُنَا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، كَأَنَّهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
[حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَخْصٍ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ لَا فَعَلْته]
قَوْلُهُ: [قُضِيَ بِالْحِنْثِ عَلَى الْأَوَّلِ] : أَيْ مَا لَمْ يَحْنَثْ الثَّانِي نَفْسُهُ بِالْفِعْلِ طَوْعًا، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا مَا لَمْ يُكْرَهْ الثَّانِي عَلَى الْفِعْلِ، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ.
[عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطَيْنِ وَيُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ]
قَوْلُهُ: [سَوَاءٌ فَعَلَ الْمُتَقَدِّمَ فِي اللَّفْظِ أَوْ لَا] إلَخْ: وَجْهُ هَذَا التَّعْمِيمِ أَنَّ الْجَوَابَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلثَّانِي، وَالثَّانِي وَجَوَابُهُ جَوَابٌ لِلْأَوَّلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَالْمَجْمُوعُ دَلِيلُ جَوَابِ الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ احْتِيَاطًا فَعَلَهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي التَّعْلِيقِ أَوْ لَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا فَعَلَهُمَا عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ فِي التَّعْلِيقِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ جَوَابٌ فِي الْمَعْنَى عَنْ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ إلَى جَانِبِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ دَلِيلَ جَوَابِ الثَّانِي، فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ بَعْدَهُ، فَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا عَلَى الْكَلَامِ، وَجَعَلَ الطَّلَاقَ بِالْكَلَامِ مُعَلَّقًا عَلَى الدُّخُولِ، فَلَا بُدَّ فِي الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ مِنْ حُصُولِ الدُّخُولِ أَوَّلًا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ] : أَتَى بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ، وَأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْيَمِينِ عَلَى قَوْلٍ وَهُنَا عَلَى قَوْلٍ، فَأَجَابَ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى الْحِنْثِ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا قَرَّرَهُ مُؤَلِّفُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute