(وَإِمَّا سَبَبٌ وَهُوَ: زَوَالُ الْعَقْلِ وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقِيلٍ وَلَوْ قَصُرَ) : هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ السَّبَبِ النَّاقِضِ.
وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: زَوَالُ الْعَقْلِ، وَلَمْسُ مَنْ تُشْتَهَى، وَمَسُّ ذَكَرِهِ الْمُتَّصِلِ. فَقَوْلُهُ: (وَإِمَّا سَبَبٌ) : عَطْفٌ عَلَى (إمَّا حَدَثٌ) . قَوْلُهُ: (وَهُوَ زَوَالُ الْعَقْلِ) -
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالثَّانِيَةُ: مِنْهُمَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ إنْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِزَوَاجٍ أَوْ تَسَرٍّ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا (انْتَهَى) . فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَجَمِيعُ صُوَرِ السَّلَسِ مِنْ اسْتِحَاضَةٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ غَائِطٍ مَتَى قَدَرَ فِيهَا عَلَى التَّدَاوِي يُغْتَفَرُ لَهُ مُدَّةُ التَّدَاوِي فَقَطْ، إلَّا سَلَسَ الْمَذْيِ إذَا كَانَ لِبُرُودَةٍ وَعِلَّةٍ فَيُغْتَفَرُ لَهُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّدَاوِي، كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا وَحَاشِيَةِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ (بْن) .
[زَوَال الْعَقْل]
قَوْلُهُ: [وَإِمَّا سَبَبٌ] : أَيْ سَبَبٌ لِلْحَدَثِ أَيْ مُوَصِّلٌ إلَيْهِ، كَالنَّوْمِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الرِّيحِ مَثَلًا، وَغَيْبَةُ الْعَقْلِ تُؤَدِّي لِذَلِكَ أَيْضًا، وَاللَّمْسُ وَالْمَسُّ يُؤَدِّيَانِ لِخُرُوجِ الْمَذْيِ.
قَوْلُهُ: [زَوَالُ الْعَقْلِ] : ظَاهِرُهُ أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ بِغَيْرِ النَّوْمِ كَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ وَالْجُنُونِ لَا يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ كَمَا يُفْصَلُ فِي النَّوْمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ فَهُوَ نَاقِضٌ مُطْلَقًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَالْقَلِيلُ فِي ذَلِكَ كَالْكَثِيرِ (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) . وَالْمُرَادُ بِزَوَالِهِ؛ اسْتِتَارُهُ إذْ لَوْ زَالَ حَقِيقَةً لَمْ يَعُدْ حَتَّى يُقَالَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقِيلٍ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ صِفَةُ النَّوْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِهَيْئَةِ النَّائِمِ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. فَمَتَى كَانَ النَّوْمُ ثَقِيلًا نَقَضَ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَقِيلٍ فَلَا يَنْقُضُ عَلَى أَيْ حَالٍ، وَهِيَ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ. وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ صِفَةَ النَّوْمِ مَعَ الثِّقَلِ وَصِفَةَ النَّائِمِ مَعَ غَيْرِهِ، فَقَالَ: وَأَمَّا النَّوْمُ الثَّقِيلُ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَلَى أَيِّ حَالٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الثَّقِيلِ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ فِي الِاضْطِجَاعِ وَالسُّجُودِ، وَلَا يَجِبُ فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ. وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى هِيَ الْأَشْهَرُ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ مَرْزُوقٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ قَصَّرَ] : رَدَّ بِ [لَوْ] عَلَى مَنْ قَالَ بِعَدَمِ النَّقْضِ فِي الْقَصِيرِ وَلَوْ ثَقُلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute