للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسِيلُ بِنَفْسِهِ لِانْحِرَافِ الطَّبِيعَةِ بَوْلًا أَوْ رِيحًا أَوْ غَائِطًا أَوْ مَذْيًا. وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّدَاوِي، فَإِنْ انْضَبَطَ بِأَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ آخِرَ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِآخِرِهِ، أَوْ يَنْقَطِعُ أَوَّلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا، هَكَذَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. وَكَذَا إذَا قَدَرَ عَلَى التَّدَاوِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَاوِي، وَاغْتُفِرَ لَهُ أَيَّامَهُ. إلَّا أَنَّ هَذَا خَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَذْي إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ بِلَا تَذَكُّرٍ. وَأَمَّا لِتَذَكُّرٍ أَوْ نَظَرٍ - بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا تَذَكَّرَ أَوْ نَظَرَ أَمْذَى - وَاسْتَدَامَ عَلَيْهِ التَّذَكُّرُ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا وَلَوْ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَنِ. فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُزُوبَةٍ بَلْ لِمَرَضٍ أَوْ انْحِرَافِ طَبِيعَةٍ فَهُوَ كَغَيْرِهِ وَلَا يَجِبُ فِيهِ التَّدَاوِي. وَمِنْ السَّلَسِ: دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ، فَإِنْ لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا. -

ــ

[حاشية الصاوي]

وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دَرَجَةً وَغَيْرَ أَوْقَاتِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ، فَأَتَاهُ السَّلَسُ فِيهَا وَفِي مِائَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ. فَعَلَى الْأُولَى يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِمُفَارِقَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَانِ لَا عَلَى الثَّانِيَةِ لِمُلَازِمَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَانِ. فَإِنْ لَازَمَهُ وَقْتَ صَلَاةٍ فَقَطْ نَقَضَ وَصَلَّاهَا قَضَاءً أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ فِيمَنْ يَطُولُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ.

قَوْلُهُ: [بَعْضُ الْفُضَلَاءِ] : هُوَ سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ.

قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا] : قَالَ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ: وَلَيْسَ مِنْهُ مَذْيٌ مِنْ كُلَّمَا نَظَرَ أَمَذَى بِلَذَّةٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْخَرَشِيِّ، بَلْ هَذَا يَنْقُضُ. إنَّمَا السَّلَسُ مَذْيٌ مُسْتَرْسِلٌ، نَظَرَ أَمْ لَا؛ لِطُولِ عُزُوبَةٍ مَثَلًا أَوْ اخْتِلَالِ مِزَاجٍ.

قَوْلُهُ: [وَلَا يَجِبُ فِيهِ التَّدَاوِي] : أَيْ لَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِالتَّدَاوِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّدَاوِي.

غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِيهِ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ الْمُتَقَدِّمَةَ، فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِمْ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى دَفْعِهِ لَا يُغْتَفَرُ لَهُ إلَّا مُدَّةُ التَّدَاوِي، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ: اعْلَمْ أَنَّ عِنْدَنَا صُوَرًا ثَلَاثًا: الْأُولَى: مَا إذَا كَانَ سَلَسُ الْمَذْيِ لِبُرُودَةٍ أَوْ عِلَّةٍ كَاخْتِلَالِ مِزَاجٍ، فَهَذِهِ لَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ. الثَّانِيَةُ: مَا إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ مَعَ تَذَكُّرٍ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ، وَصَارَ مَهْمَا نَظَرَ أَوْ سَمِعَ أَوْ تَفَكَّرَ أَمَذَى بِلَذَّةٍ. الثَّالِثَةُ: مَا إذَا كَانَ لِطُولِ، عُزُوبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ وَتَفَكُّرٍ بَلْ صَارَ الْمَذْيُ مِنْ أَجْلِ طُولِ الْعُزُوبَةِ نَازِلًا مُسْتَرْسِلًا نَظَرَ أَوْ لَا، تَفَكَّرَ أَوْ لَا، وَالْأَوْلَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ مُطْلَقًا قَدَر عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>