للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِمَا يَدُلُّ) عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ: مُتَعَلِّقٌ بِ " عَقَدَ ": أَيْ عَقَدَ عَلَى مَا ذُكِرَ بِمَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ مِنْ لَفْظٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(فَرُكْنُهَا) : أَيْ فَعُلِمَ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ:

(عَاقِدٌ) مِنْ مُؤَجِّرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ، كَالْبَيْعِ، فَشَرْطُ صِحَّتِهِمَا الْعَقْلُ وَالطَّوْعُ.

وَشَرْطُ اللُّزُومِ: التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ؛ فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَتَوَقَّفُ لُزُومُ إجَارَتِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ، وَكَذَا السَّفِيهُ فِي سِلْعَةٍ، فَإِنْ أَجَّرَ نَفْسُهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ إلَّا إذَا حَابَى. وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَمُكْرَهٍ.

ــ

[حاشية الصاوي]

{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: ٢٧] الْآيَةَ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ عِوَضُهَا الْبُضْعُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ إذَا لَمْ تَتِمَّ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي جُعِلَ الْبُضْعُ فِي نَظِيرِهَا فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ: [مِنْ لَفْظٍ أَوْ غَيْرِهِ] : أَيْ كَالْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْمُعَاطَاةِ وَالْعُرْفِ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ، وَذَلِكَ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي يَعْمَلُهَا الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يَأْخُذُ عَلَيْهَا أُجْرَةً كَتَخْلِيصِ دَيْنٍ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ أَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَالْعَادَةُ مُحَكَّمَةَ وَلَا يَدْخُلُ فِي صِيغَةِ الْإِجَارَةِ لَفْظُ الْمُسَاقَاةِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ سَحْنُونًا يَرَى انْعِقَادَ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ.

[أَرْكَانُ الْإِجَارَةُ]

قَوْلُهُ: [مِنْ مُؤَجِّرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ] : الْمُؤَجِّرُ بَائِعُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُشْتَرِيهَا.

قَوْلُهُ: [فَشَرْطُ صِحَّتِهِمَا] : أَيْ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَقْدُهُمَا، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُ اللُّزُومِ وَالْمُؤَجِّرُ هُوَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ هُوَ دَافِعُ الْعِوَضِ، وَيُقَالُ فِي الْأَوَّلِ مُكْرٍ وَالثَّانِي مُكْتَرٍ.

قَوْلُهُ: [الْعَقْلُ وَالطَّوْعُ] : الصَّوَابُ عَدُّ الطَّوْعِ مِنْ شُرُوطِ اللُّزُومِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: [التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ] : كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ وَالطَّوْعُ كَمَا عَلِمْت.

قَوْلُهُ: [فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ] إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى شَرْطِ اللُّزُومِ.

قَوْلُهُ: [فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ] إلَخْ: أَيْ فَالرُّشْدُ شَرْطُ لُزُومٍ فِي الْجُمْلَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ.

قَوْلُهُ: [وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ] : مُحْتَرَزُ شَرْطِ الصِّحَّةِ الَّذِي هُوَ الْعَقْلُ فَفِي الْكَلَامِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ وَهُوَ الْأَوْلَى عِنْدَ الْبُلَغَاءِ، وَقَوْلُهُ وَمُكْرَهٍ قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>