(وَلَيْسَ لِعَامِلٍ) : أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ (هِبَةٌ) لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَلَوْ لِاسْتِئْلَافٍ إنْ كَثُرَ (أَوْ تَوْلِيَةٌ) لِسِلْعَةٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، بِأَنْ يُعْطِيَهَا لِغَيْرِهِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى إذَا لَمْ يَخَفْ رُخْصَهَا، وَإِلَّا جَازَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ لِلْأَكْلِ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّفْضِيلَ عَلَى غَيْرِهِ بِزِيَادَةٍ لَهَا بَالٌ، وَإِلَّا مُنِعَ وَتَحَلَّلَ رَبَّ الْقِرَاضِ. فَإِنْ لَمْ يُسَامِحْهُ كَافَأَهُ وَفِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ فِي الْمُسَاقَاةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
ذَلِكَ فَيَلْزَمُ مَالُ الْقِرَاضِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ الْمُفَاضَلَةِ لَا بَعْدَهَا فَفِي جُزْئِهِ مَا عَلَيْهِ فَقَطْ. وَسُئِلَ الْأُجْهُورِيُّ: عَنْ عَامِلِ قِرَاضٍ أَرْسَلَ سِلَعًا لِأَبِيهِ فَأَخَذَهَا رَبُّ الْمَالِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ، وَأُسِرَ الْعَامِلُ فَجَاءَ مِنْهُ كِتَابٌ بِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ عِنْدَهُ، وَأَنَّ السِّلَعَ مِنْ غَيْرِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَامِلَ يُصَدَّقُ لِكَوْنِهِ أَمِينًا وَلَا يُنْظَرُ لِلتُّهْمَةِ وَإِقْرَارُ أَبِيهِ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ لَا يَسْرِي عَلَى غَيْرِهِ (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
[حُكْمُ الْهِبَةِ أَوْ التَّوْلِيَة لِسِلْعَةٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ]
قَوْلُهُ: [إنْ كَثُرَ] : أَيْ وَأَمَّا هِبَةُ الْقَلِيلِ - كَدَفْعِ لُقْمَةٍ لِسَائِلٍ وَنَحْوَهَا - فَجَائِزٌ. كَمَا يَجُوزُ هِبَةُ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ - حَيْثُ جَازَ لِلْأَوَّلِ هِبَةُ الْكَثِيرِ لِلِاسْتِئْلَافِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ دُونَ الثَّانِي - أَنَّ الْعَامِلَ رُجِّحَ فِيهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ مَرْجُوحٌ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّرِيكُ أَقْوَى مِنْ الْعَامِلِ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّفْضِيلَ عَلَى غَيْرِهِ] : ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهَا بِ " الـ "، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا التَّفْضِيلَ الْجَوَازُ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. بَلْ الْمَدَارُ عَلَى زِيَادَةٍ لَا تَسْمَحُ بِهَا النُّفُوسُ عَادَةً.
قَوْلُهُ: [كَافَأَهُ] : أَيْ يُعَوِّضُهُ عَلَى قَدْرِ مَا أَكَلَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute