وَيَعْجَزَ عَنْ الثَّانِي فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَإِلَّا) تَتَجَرَّدَ بَلْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا فَقَطْ (تَوَجَّهَتْ) الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ. فَإِنْ حَلَفَ تُرِكَ. وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ. فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ دُيِّنَ وَمَحَلُّ تَوَجُّهِهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (فِي غَيْرِ نِكَاحٍ) : كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ. وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَلَا تَتَوَجَّهُ، كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا زَوَّجَهُ بِنْتَه فَأَنْكَرَ أَبُوهَا، فَأَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدًا، فَلَا يَمِينَ عَلَى أَبِيهَا لِرَبِّهِ وَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ.
(وَلَا يَحْكُمُ) الْحَاكِمُ (لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ) كَأَبِيهِ وَابْنِهِ، وَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ وَجَازَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَا يَحْكُمُ عَلَى مَنْ لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ كَعَدُوِّهِ وَجَازَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الَّتِي تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِهَا وَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي، إنْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَذَا الْيَمِينُ الَّتِي يَحْلِفُهَا الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ إذَا نَكَلَ عَنْهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بِنُكُولِهِ وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تَرُدُّ، وَيَسْتَثْنِي مِنْ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَأَنْكَرَ فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. مَعَ أَنَّ الرِّقَّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ فَدَعْوَى ذَلِكَ الْمُدَّعِي رِقِّيَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُ الْأَصْلِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ضُعِّفَتْ دَعْوَاهُ جِدًّا فَلَمْ تَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِإِبْطَالِهَا (اهـ مُلَخَّصًا مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ نِكَاحٍ] : الْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي النِّكَاحِ الشُّهْرَةُ فَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ فِيهِ رِيبَةٌ وَلِذَا لَمْ يُطْلَبْ الْوَلِيُّ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ. بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ عِتْقٍ وَطَلَاقٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ فِيهِ الشُّهْرَةَ فَلَا رِيبَةَ فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ فِيهِ فَلِذَا أُمِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
[لَا يَحْكُم الْحَاكِم لِمِنْ لَا يَشْهَد لَهُ]
قَوْلُهُ: [وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ] : أَيْ عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ وَمُقَابِلُهُ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ وَهُوَ لِأَصْبَغَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute