بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْوَصِيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الْوَصِيَّةُ مَنْدُوبَةٌ) وَلَوْ لِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَنْزِلُ فَجْأَةً. وَيَعْرِضُ لَهَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي أَحْكَامَ الْوَصِيَّةِ]
بَابٌ:
هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ وَصَيْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا وَصَلْته بِهِ كَأَنَّ الْمُوصِيَ لِمَا أَوْصَى بِهَا وَصَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا قَبْلَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْخَيْرِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] فَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ وَعَلَيْهِ فَالتَّرْغِيبُ فِيهَا إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا تُكْرَهُ فِي الْقَلِيلِ.
قَوْلُهُ: [الْوَصِيَّةُ مَنْدُوبَةٌ] : هِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ مَالِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةٌ عَنْهُ بَعْدَهُ، وَعِنْدَ الْفَرَّاضِ خَاصَّةٌ بِمَا يُوجِبُ الْحَقَّ فِي الثُّلُثِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْمَوْتَ يَنْزِلُ فَجْأَةً] : عِلَّةٌ لِلْمُبَالَغَةِ.
قَوْلُهُ: [وَيَعْرِضُ لَهَا بَقِيَّةَ الْأَحْكَامِ] : قَالَ (شب) : وَأَمَّا حُكْمُهُ فَقَسَّمَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ لِلْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ دِينًا أَوْ نَحْوَهُ، وَيُنْدَبُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ بِقِرْبَةٍ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ، وَتُحَرَّمُ بِمُحَرَّمٍ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِهَا وَتُكْرَهُ إذَا كَانَتْ بِمَكْرُوهٍ أَوْ فِي مَالٍ قَلِيلٍ وَتُبَاحُ إذَا كَانَتْ بِمُبَاحٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ إنْفَاذَ مَا عَدَا الْمُحَرَّمَ مَأْمُورٌ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَكَذَلِكَ يَنْقَسِمُ إنْفَاذُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَالْمُرَادُ إنْفَاذُهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَجِبُ إنْفَاذُ مَا يَجِبُ مِنْهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيَنْدُبُ إنْفَاذُ مَا يَنْدُبُ مِنْهَا، فَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُنَفِّذْ فَقَدْ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ إمَّا الْكَرَاهَةُ أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَإِنْفَاذُ مَا يُكْرَهُ مِنْهَا مَكْرُوهٌ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَإِنْفَاذُ مَا يُبَاحُ مِنْهَا مُبَاحٌ فَلَهُ فِعْلُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِعَمَلِ الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ فَذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute