للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاطِلَ بِالنَّسِيَةِ لِلْوَاقِعِ وَالزُّورَ بِالنِّسْبَةِ لِعِلْمِ الشَّاهِدِ، فَقَدْ يَشْهَدُ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ وَيَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ أَوْ أُحِيلَ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ أَوْ عُفِيَ عَنْهُ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الشَّاهِدِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الزُّورِ فَإِنَّهُ تَعَمَّدَ الْإِخْبَارَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ. (وَلَا بِكَذَبْتُ لِخَصْمِهِ) : أَيْ وَلَا يُعَزَّرُ بِقَوْلِهِ لِخَصْمِهِ: كَذَبْت أَوْ: ظَلَمْتَنِي، بِخِلَافِ كَذَّابٍ وَظَالِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَأَمَرَ) الْقَاضِي أَوَّلًا عِنْدَ إقَامَةِ الدَّعْوَى (مُدَّعِيًا) : وَهُوَ مَنْ (تَجَرَّدَ) عَنْ أَصْلٍ (أَوْ مَعْهُودٍ بِالْكَلَامِ) مُتَعَلِّقٌ " بِأَمَرَ " أَيْ: يَأْمُرُ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءً بِالْكَلَامِ بِإِقَامَةِ دَعْوَاهُ، وَالْمُدَّعِي: هُوَ الَّذِي تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ أَصْلٍ أَوْ مَعْهُودٍ عُرْفًا يُصَدِّقُهُ حِينَ دَعْوَاهُ، فَلِذَا طُلِبَتْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ لِتَصْدِيقِهِ؛ كَطَالِبِ دَيْنٍ عَلَى آخَرَ أَوْ جِنَايَةٍ، أَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ بِفِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ، كَطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ قَذْفٍ؛

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [بِالنِّسْبَةِ لِعِلْمِ الشَّاهِدِ] : أَيْ فَبَيْنَ الزُّورِ وَالْبَاطِلِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ، فَإِذَا شَهِدَ بِمَا هُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ كَانَ بَاطِلًا وَزُورًا، وَإِذَا شَهِدَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ الْوَاقِعُ كَانَ بَاطِلًا لَا زُورًا، وَإِذَا شَهِدَ بِمَا هُوَ مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ كَانَ ذَلِكَ زُورًا لَا بَاطِلًا.

قَوْلُهُ: [بِمَا لَمْ يَعْلَمْ] : أَيْ بِثُبُوتِهِ بَلْ إمَّا عَلِمَ عَدَمَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَعَ الشَّكِّ زُورٌ.

قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ كَذَّابٍ وَظَالِمٍ] : الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ قَوْلَهُ: كَذَبْت تَعَلَّقَ بِخُصُوصِ دَعْوَتِهِ لَيْسَ فِيهِ انْتِهَاكٌ لِمَجْلِسِ الشَّرْعِ. بِخِلَافِ كَذَّابٍ وَظَالِمٍ فَإِنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْخُصُوصِ، بَلْ فِيهِ مُشَاتَمَةٌ لِلْخَصْمِ عَامَّةٌ وَهَذَا انْتِهَاكٌ لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ. .

[تَرْتِيب الْكَلَام بَيْن الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ]

قَوْلُهُ: [وَأَمَرَ الْقَاضِي] : أَيْ وَجُوَبًا.

قَوْلُهُ: [بِالْكَلَامِ] : مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ.

وَقَوْلُهُ: [بِإِقَامَةِ] : مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ أَيْضًا وَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ فَاخْتَلَفَ مَعْنَى الْبَاءَيْنِ.

قَوْلُهُ: [تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ أَصْلٍ أَوْ مَعْهُودٍ] : أَيْ وَلَيْسَ مُجَرَّدًا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ مُتَمَسِّكٌ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ دَعْوَاهُ مُجَرَّدَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْمُسْتَنَدَاتِ، بَلْ عَنْ شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْأَصْلُ أَوْ الْمَعْهُودُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>