ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّزْكِيَةُ، وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ قَدَّمَهُ عَمَّا هُنَا - وَذِكْرُهُ هُنَا أَنْسَبُ - فَقَالَ: (وَإِنَّمَا يُزَكِّي) الشُّهُودَ (مُبَرَّزٌ) : فِي الْعَدَالَةِ، لَا مُطْلَقَ عَدْلٍ، وَإِلَّا لَاحْتَاجَ لِمَنْ يُعَدِّلُهُ أَيْضًا وَيَتَسَلْسَلُ (مَعْرُوفٌ) عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ، كَأَنْ يَعْرِفَهُ الْعُدُولُ عِنْدَهُ وَيُخْبِرُوهُ بِأَنَّهُ مُبَرَّزٌ (عَارِفٌ) بِأَحْوَالِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ (فَطِنٌ) : أَيْ نَبِيهٌ (لَا يُخْدَعُ) فِي عَقْلِهِ كَالتَّفْسِيرِ لِفَطِنٍ: أَيْ لَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ أَحْوَالُ النَّاسِ الْمُمَوَّهَةِ الظَّاهِرِ بِإِظْهَارِ الصَّلَاحِ، وَلَا يَغْتَرُّ بِظَاهِرِ حَالِهِمْ مَعَ مُخَالِفَتِهَا لِسَرَائِرِهِمْ، كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ.
(مُعْتَمِدٌ) فِي مَعْرِفَةِ أَحْوَالِهِمْ (عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ) لِمَنْ يُزَكِّيهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا سَفَرُهُ مَعَهُ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الصُّحْبَةِ لَا تُفِيدُ مَعْرِفَةَ أَحْوَالِ الصَّاحِبِ (مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ؛ أَوْ) أَهْلِ (مَحَلَّتِهِ) : فَالْمُزَكِّي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَلَا مَحَلَّتِهِ تُوجِبُ الرِّيبَةَ فِي الشَّاهِدِ، حَيْثُ زَكَّاهُ الْبَعِيدُ مَعَ وُجُودِ أَهْلِ سُوقِهِ وَمَحَلَّتِهِ (إلَّا لِعُذْرٍ) : كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَلَا مَحَلَّتِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّزْكِيَةِ بِأَنْ قَامَ مَانِعٌ مِنْ عَدَمِ التَّبْرِيزِ أَوْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَمِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِوُجُوهِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ (بْن) .
[مِنْ يَصِحّ مِنْهُ التَّزْكِيَة]
قَوْلُهُ: [مَعْرُوفٌ] : صِفَةٌ لِمُبَرَّزٍ.
قَوْلُهُ: [عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ] : أَيْ وَيَرْجِعُ فِي طُولِهَا لِلْعُرْفِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ] : أَيْ الْعَارِفِينَ بِهِ وَأَشْعَرَ الْإِتْيَانَ بِأَوْصَافِ الْمُزَكَّى مُذَكَّرًا أَنَّ النِّسَاءَ لَا تَقْبَلُ تَزْكِيَتَهُنَّ لَا لِرِجَالٍ وَلَا لِنِسَاءٍ وَلَوْ فِيمَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ كَمَا فِي (عب) .
قَوْلُهُ: [فَالْمُزَكِّي] : الْمُنَاسِبُ فَالتَّزْكِيَةُ لِأَجْلِ الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ تُوجِبُ الرِّيبَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute