فِيهِ غَيْرُهُ، وَمَا حَاذَى فَرْجَ غَيْرِ عَالِمٍ) هَذِهِ الْأَحْكَامُ هِيَ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ بِقَوْلِهِ: " وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ إلَخْ "، أَخَّرْتهَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا وَتَقْدِيمُهَا فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ ذِكْرٌ لَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا. وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ قُدِّمَ الْغَالِبُ، فَإِنَّ الْأَصْلَ - فِيمَا ذُكِرَ - الطَّهَارَةُ، وَالْغَالِبُ النَّجَاسَةُ، وَقَوْلِي: (وَلَا يُصَلَّى بِمَا غَلَبَتْ أَيْ: النَّجَاسَةُ عَلَيْهِ) إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ هِيَ: كُلُّ مَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ عَلَيْهِ فَلَا يُصَلَّى بِهِ. وَقَوْلُهُ: (كَثَوْبِ كَافِرٍ) إلَخْ أَمْثِلَةٌ لِبَعْضِ مَا صَدَقَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ. وَالشَّيْخُ إنَّمَا ذَكَرَ بَعْضَ الْأَمْثِلَةِ دُونَ الْقَاعِدَةِ فَلِبَاسُ الْكَافِرِ لَا يُصَلَّى بِهِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْكَافِرِ عَدَمُ تَوَقِّي النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ نَسْجِهِ، فَإِنَّ الشَّأْنَ فِيهِ تَوَقِّي النَّجَاسَةِ. وَالسِّكِّيرُ - أَيْ: كَثِيرُ السُّكْرِ - كَالْكَافِرِ. وَ (الْكَنَّافِ) : الَّذِي شَأْنُهُ نَزْحُ الْأَكْنِفَةِ. وَ (غَيْرِ الْمُصَلِّي) : يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ وَالنِّسَاءَ وَالرِّجَالَ الَّذِينَ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ عَدَمُ التَّحَرُّزِ مِنْ النَّجَاسَةِ " وَالثَّوْبُ الَّذِي يَنَامُ فِيهِ غَيْرُ مُرِيدِ الصَّلَاةِ لَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ مَا ذُكِرَ. وَأَمَّا مَا يَنَامُ فِيهِ هُوَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ. وَكَذَا مَا حَاذَى فَرْجَ غَيْرِ الْعَالِمِ بِأَحْكَامِ الطَّهَارَةِ كَالْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ لَا يُصَلَّى بِهِ، بِخِلَافِ نَحْوِ عِمَامَتِهِ وَرِدَائِهِ، وَبِخِلَافِ مُحَاذِي فَرْجِ الْعَالِمِ بِالِاسْتِبْرَاءِ وَأَحْكَامِ الطَّهَارَةِ.
وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ النَّجَاسَةِ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ كَسَلَسٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
ب ن) . وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ خَلِيلٍ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ ثِيَابَ الرَّأْسِ وَمَا قَارَبَهَا.
قَوْلُهُ: [وَمَا حَاذَى فَرْجَ غَيْرِ عَالِمٍ] : مِنْ ذَلِكَ فُوَطُ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ يَدْخُلُهُ عُمُومُ النَّاسِ، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْجَسَدِ مِنْهَا لِلْحَرَجِ نَعَمْ هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَحْوَطُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْمُسْلِمُونَ الْمُتَحَفِّظُونَ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ نَسْجِهِ] : وَكَذَا سَائِرُ صَنَائِعِهِ فَيُحْمَلُونَ فِيهَا عَلَى الطَّهَارَةِ عِنْدَ الشَّكِّ، وَلَوْ صَنَعَهَا بِبَيْتِ نَفْسِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا صَنَعَهُ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْبُرْزُلِيُّ.
قَوْلُهُ: [كَالْكَافِرِ] إلَخْ: هَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ الرَّدَّ عَلَى مُحَشِّي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [غَيْرُ مُرِيدِ الصَّلَاةِ] : أَيْ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ، بِأَنْ أَرَادَ شَخْصٌ الصَّلَاةَ فِي فِرَاشِ نَوْمِ غَيْرِهِ.
[المعفو عَنْهُ مِنْ النَّجَاسَة]
[تَنْبِيه سَبَب الْعَفْو عَنْ الدَّم وقيد لِلْعَفْوِ عَنْ الطِّين]
قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute