تَمَلُّكِهَا إذَا جَاءَ رَبُّهَا. (كَنِيَّةِ أَخْذِهَا) : أَيْ كَمَا يَضْمَنُ إذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا (قَبْلَهَا) : أَيْ قَبْلَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ صَارَ كَالْغَاصِبِ فَيَضْمَنُهَا لِرَبِّهَا وَلَوْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ بَعْدَ تِلْكَ النِّيَّةِ. وَأَوْلَى لَوْ نَوَى التَّمَلُّكَ عِنْدَ الْتِقَاطِهَا. (وَ) ضَمِنَ فِي (رَدِّهَا لِمَوْضِعِهَا) ؛ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ وَأَوْلَى لِغَيْرِهِ (بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ) وَالتَّعْرِيفِ، سَوَاءٌ رَدَّهَا بَعْدَ بُعْدٍ أَوْ قُرْبٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ رَدَّهَا بِقُرْبٍ فَلَا ضَمَانَ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ: " إلَّا بِقُرْبٍ فَتَأْوِيلَانِ ". وَمَفْهُومٌ لِلْحِفْظِ - أَيْ التَّعْرِيفِ - أَنَّهُ إنْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ الِاغْتِيَالِ فَلَا ضَمَانَ بِرَدِّهَا لِمَوْضِعِهَا مُطْلَقًا لِوُجُوبِ رَدِّهَا عَلَيْهِ؛ وَأَمَّا لَوْ أَخَذَهَا لِيَسْأَلَ عَنْهَا مُعَيِّنًا فَلَا ضَمَانَ إنْ رَدَّهَا بِقُرْبٍ لِوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَوْرًا. وَضَمِنَ إنْ رَدَّهَا بِبُعْدٍ، وَهَذَا الثَّالِثُ؛ هُوَ مَحْمَلُ قَوْلِنَا فِي شَرْحِ كَلَامِ الشَّيْخِ: " وَعَنْ بُعْدٍ ضَمِنَ " أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ أَمْ لَا، أَيْ بِأَنْ أَخَذَهَا لِيَسْأَلَ عَنْهَا مُعَيِّنًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
[التَّصَدُّقِ بِاللُّقَطَةِ]
قَوْلُهُ: [وَأَوْلَى لَوْ نَوَى التَّمَلُّكَ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ: الْأُولَى مَا إذَا رَآهَا مَطْرُوحَةً فَنَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا ثُمَّ تَرَكَهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا فَتَلِفَتْ. الثَّانِيَةُ مَا إذَا نَوَى تَمَلُّكَهَا وَأَخَذَهَا فَتَلِفَتْ. الثَّالِثَةُ مَا إذَا أَخَذَهَا لِلتَّعْرِيفِ ثُمَّ نَوَى تَمَلُّكَهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ؛ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ وَحْدَهَا لَا تُعْتَبَرُ، وَفِي الثَّانِيَةِ الضَّمَانُ قَطْعًا لِمُصَاحَبَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرًا إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ مُصَاحَبَةِ فِعْلِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ بِالضَّمَانِ نَظَرًا إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ قَدْ صَاحَبَهَا فِعْلٌ وَهُوَ الْكَفُّ عَنْ التَّعْرِيفِ، وَارْتَضَاهُ (ح) وَمَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا. قَوْلُهُ: [وَالتَّعْرِيفِ] : عَطْفُ تَفْسِيرٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَا ضَمَانَ بِرَدِّهَا لِمَوْضِعِهَا] : أَيْ بَلْ الضَّمَانُ بِإِبْقَائِهَا لِمُخَالَفَةِ الْوَاجِبِ.
قَوْلُهُ: [وَضَمِنَ إنْ رَدَّهَا بِبُعْدٍ] : إنَّمَا ضَمِنَ فِي الْبُعْدِ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ صَاحِبَهَا جَاءَ لِلْمَكَانِ بِقُرْبٍ وَأَيِسَ مِنْهَا فَلَا يَعُودُ فِي الْبُعْدِ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِنَا فِي شَرْحِ كَلَامِ الشَّيْخِ] إلَخْ: لَكِنَّ قَوْلَهُ فِيهِ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ أَمْ لَا خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ: لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَخَذَهَا لَا لِلْحِفْظِ بَلْ لِيَسْأَلَ عَنْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute