أَوْ شَرِبَهُ (مُطْلَقًا) ضِيَافَةً أَوْ لَا بِإِذْنِ الْغَاصِبِ أَوْ لَا.
(وَمَلَكَهُ) الْغَاصِبُ أَيْ مَلَكَ الْمَغْصُوبَ (إنْ اشْتَرَاهُ) مِنْ رَبِّهِ (أَوْ وَرِثَهُ) عَنْهُ (أَوْ غَرِمَ) لَهُ (قِيمَتَهُ لِتَلَفٍ) أَوْ ضَيَاعٍ ثُمَّ وَجَدَهُ (أَوْ نَقْصٍ) فِي ذَاتِهِ. وَالْمُرَادُ: إنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ وَلَوْ لَمْ يَغْرَمْ بِالْفِعْلِ.
(وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْفَوَاتِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ ضِيَافَةً؛ فَإِنْ أَكَلَهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْقِيمَةَ، فَالْغَاصِبُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَرَبُّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْغَاصِبِ وَقْتَ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ: [بِإِذْنِ الْغَاصِبِ أَوْ لَا] : فَمَتَى أَكَلَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ الْغَاصِبُ عَلَى أَكْلِهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ خَلِيلٍ ضِيَافَةً؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فِي الضَّمَانِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ الْغَاصِبِ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ مُنَاسِبًا لِحَالِ مَالِكِهِ، كَمَا لَوْ هَيَّأَهُ لِلْأَكْلِ لَا لِلْبَيْعِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لِرَبِّهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَتِهِ قِيمَةُ مَا شَأْنُهُ أَكْلُهُ، كَمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ يُسَاوِي عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَيَكْفِي مَالِكَهُ مِنْ الطَّعَامِ اللَّائِقِ بِهِ مَا يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُ لَهُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا، قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَيْدُ إذَا أَكَلَهُ مُكْرَهًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ، أَمَّا إنْ أَكَلَهُ طَائِعًا عَالِمًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ.
[شِرَاء الْغَاصِب لِلْمَغْصُوبِ وَبَيْعه لَهُ]
قَوْلُهُ: [وَمَلَكَهُ الْغَاصِبُ] إلَخْ. أَيْ وَلَوْ غَابَ الْمَغْصُوبُ بِبَلَدٍ آخَرَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ الْبَلَدَ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي ضَعْفِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ فِي قَوْلِ خَلِيلٍ أَوَّلَ بَابِ الْبُيُوعِ. وَهَلْ إنْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ مُدَّةً؟ تَرَدَّدَ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْمَغْصُوبِ فَاتَتْ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا وَصَارَ الْوَاجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ إنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ لَا ذَاتُ الْمَغْصُوبِ.
قَوْلُهُ: [وَنَعْتِهِ] : أَيْ فَإِذَا غَصَبَ جَارِيَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتُلِفَ فِي صِفَاتِهَا مِنْ كَوْنِهَا بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِهَا إنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، فَإِنْ تَجَاهَلَا الصِّفَةَ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ يُقَدَّرُ مِنْ أَدْنَى الْجِنْسِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute