فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
وَمَعْنَاهُ لُغَةً الْإِزَالَةُ وَالْإِعَانَةُ مِنْ خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ أَزَالَهُ وَأَبَانَهُ، وَالزَّوْجَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا لِبَاسٌ لِصَاحِبِهِ قَالَ تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: ١٨٧] فَإِذَا فَارَقَهَا كَأَنَّهُ نَزَعَهَا مِنْهُ، وَلَمَّا كَانَ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ نَاسَبَهُ أَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَحُكْمُهُ الْأَصْلِيُّ الْجَوَازُ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ:
(وَيَجُوزُ الْخُلْعُ؛
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] [مَعْنَى الخلع]
فَصْلٌ وَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ: الْقَابِلُ، وَالْمُوجِبُ، وَالْعِوَضُ، وَالْمُعَوَّضُ، وَالصِّيغَةُ؛ فَالْقَابِلُ: الْمُلْتَزَمُ لِلْعِوَضِ. وَالْمُوجِبُ: الزَّوْجُ أَوْ وَلِيُّهُ، وَالْعِوَضُ: الشَّيْءُ الْمُخَالَعُ بِهِ، وَالْمُعَوَّضُ: بُضْعُ الزَّوْجَةِ، وَالصِّيغَةُ: كَاخْتَلَعَتْ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْخُلْعِ حَقِيقَتُهُ الْمُتَضَمِّنَةُ لِتِلْكَ الْأَرْكَانِ.
قَوْلُهُ: [وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] : أَيْ وَهِيَ فُرُوعُهُ الْآتِيَةُ.
قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٧] : تَسْمِيَةُ كُلٍّ لِبَاسًا لِصَاحِبِهِ فِيهِ اسْتِعَارَةٌ مُصَرِّحَةٌ، بِأَنْ شَبَّهَ السَّاتِرَ الْمَعْنَوِيَّ بِالسَّاتِرِ الْحِسِّيِّ، وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ اللِّبَاسُ، لِلْمُشَبَّهِ وَهُوَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرِّحَةِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مَانِعٌ لِلْقُبْحِ أَوْ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَهُوَ اللِّبَاسُ، وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ وَهُوَ السِّتْرُ.
[حُكْمُ الْخُلْع]
قَوْلُهُ: [يَجُوزُ الْخُلْعُ] : أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ طَلَاقًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهِ، أَوْ خِلَافِ الْأَوْلَى لِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute