الثَّانِي مِنْ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ: الْأَبُ. وَرُتْبَتُهُ بَعْدَ رُتْبَةِ السَّيِّدِ فَلَا كَلَامَ لِأَبٍ مَعَ وُجُودِ سَيِّدِ ابْنَتِهِ، وَلِذَا أَتَى بِالْفَاءِ الْمُشْعِرَةِ بِتَأَخُّرِ رُتْبَتِهِ فَقَالَ:
(فَأَبٌ) : لَهُ الْجَبْرُ وَلَوْ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَوْ لِأَقَلِّ حَالٍ مِنْهَا أَوْ لِقَبِيحِ مَنْظَرٍ لِثَلَاثَةٍ مِنْ بَنَاتِهِ.
أَشَارَ لِلْأُولَى بِقَوْلِهِ: (لِبِكْرٍ) مَا دَامَتْ بِكْرًا (وَلَوْ عَانِسًا) بَلَغَتْ مِنْ الْعُمْرِ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ.
(إلَّا إذَا رَشَّدَهَا) الْأَبُ: أَيْ جَعَلَهَا رَشِيدَةً أَوْ أَطْلَقَ الْحَجْرَ عَنْهَا لِمَا قَامَ
ــ
[حاشية الصاوي]
حُرِّيَّتِهِ وَاخْتَارَهُ بْن
[الثَّانِي مِنْ الْوَلِيّ المجبر الْأَب]
قَوْلُهُ: [فَأَبٌ] : أَيْ رَشِيدٌ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ لِوَلِيِّهِ هَكَذَا فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِ (عب) وَالْخَرَشِيِّ، وَلَكِنْ قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ السَّفِيهَ ذَا الرَّأْيِ أَيْ الْعَقْلِ وَالدِّينِ لَهُ جَبْرُ بِنْتِهِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ، خُصَّ وَلِيُّهُ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ. وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ هَلْ الْوَلِيُّ. أَوْ الْأَبُ، فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ شَارِحُنَا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالرُّشْدِ اتِّكَالًا عَلَى مَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [بَلَغَتْ مِنْ الْعُمْرِ سِتِّينَ سَنَةً] : الْمُرَادُ أَنَّهَا طَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا وَعَرَفَتْ مَصَالِحَ نَفْسِهَا قَبْلَ الزَّوَاجِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَبْرِ الْبِكْرِ وَلَوْ عَانِسًا هُوَ الْمَشْهُورُ، خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ حَيْثُ قَالَ لِلْأَبِ جَبْرُ الْبِكْرِ مَا لَمْ تَكُنْ عَانِسًا، لِأَنَّهَا لَمَّا عَنَسَتْ صَارَتْ كَالثَّيِّبِ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ فِي الْجَبْرِ الْبَكَارَةُ أَوْ الْجَهْلُ بِمَصَالِحِ النِّسَاءِ، فَالْمَشْهُورُ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ وَابْنُ وَهْبٍ نَاظِرٌ لِلثَّانِيَّ.
قَوْلُهُ: [إلَّا إذَا رَشَّدَهَا الْأَبُ] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا بَالِغَةٌ إذْ الصَّغِيرَةُ لَا تُرَشَّدُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ الْمُرَشَّدَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَهُ جَبْرُهَا، وَكَمَا لَا يَجْبُرُهَا الْأَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا حَجْرَ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَةِ، وَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَ (عب) مِنْ بَقَاءِ الْحَجْرِ عَلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَةِ غَيْرُ صَوَابٍ، إذْ التَّرْشِيدُ لَا يَتَبَعَّضُ فَلَا يَكُونُ فِي أَمْرٍ دُونَ آخَرَ كَذَا فِي بْن. وَمِثْلُ الْبِكْرِ الَّتِي رَشَّدَهَا الْأَبُ الْبِكْرُ الَّتِي رَشَّدَهَا الْوَصِيُّ، وَفِي بَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ الرَّاجِحُ بَقَاؤُهَا كَمَا هُوَ، نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا، وَأَمَّا لَوْ رَشَّدَ الْوَصِيُّ الثَّيِّبَ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَالْوِلَايَةُ لِأَقَارِبِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute