(وَإِنْ تَعَدَّدَ مُبَاشِرٌ) عَادَ مَا دُونَ النَّفْسِ (بِلَا تَمَالُؤٍ) مِنْهُمْ (وَتَمَيَّزَتْ) الْجِرَاحَاتُ: أَيْ تَمَيَّزَ وَعُلِمَ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (فَمِنْ كُلٍّ) يُقْتَصُّ (بِقَدْرِ مَا فَعَلَ) : فَإِنْ تَمَالَئُوا اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ، تَمَيَّزَتْ أَمْ لَا، قِيَاسًا عَلَى قَتْلِ النَّفْسِ مِنْ أَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَ التَّمَالُؤِ يُقْتَلُونَ بِالْوَاحِدِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ عِنْدَ التَّمَالُؤِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ دِيَةُ الْجَمِيعِ وَلَا قِصَاصَ؟ أَوْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ؟ فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً قَلَعَ أَحَدُهُمْ عَيْنَهُ وَقَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ وَالثَّالِثُ رِجْلَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ الَّذِي فَقَأَ الْعَيْنَ وَمَنْ قَطَعَ الرِّجْلَ وَمَنْ قَطَعَ الْيَدَ - وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا تَمَالُؤَ بَيْنَهُمْ - اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِفَقْءِ عَيْنِهِ وَقَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا فِعْلٌ وَاحِدٌ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِمَّا دُونَ النَّفْسِ، وَمَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: (وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (وَهِيَ: مَا أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ) : أَيْ أَظْهَرَتْهُ (أَوْ) عَظْمَ (الْجَبْهَةِ) : مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ وَشَعْرِ الرَّأْسِ (أَوْ) عَظْمَ (الْخَدَّيْنِ) فَمَا أَوْضَحَتْ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ - وَلَوْ بِالْوَجْهِ كَأَنْفٍ وَلَحْيٍ أَسْفَلَ - لَا يُسَمَّى مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْ عَمْدِهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ مَا لَهُ بَالٌ وَاتِّسَاعٌ بَلْ (وَإِنْ) ضَاقَ (كَإِبْرَةٍ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَمِنْ كُلٍّ يُقْتَصُّ بِقَدْرِ مَا فَعَلَ] : أَيْ بِالْمِسَاحَةِ وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ الْعُضْوِ بِالرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ.
قَوْلُهُ: [وَفِيهِ نَظَرٌ] : أَيْ فَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ. .
[الْقِصَاص فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]
[الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَة وَغَيْرهَا مِنْ الْجِرَاحَات]
قَوْلُهُ: [مَا بَيْنَ الْحَاجِبِينَ وَشَعْرِ الرَّأْسِ] : مُرَادُهُ مَا عَلَا عَلَى الْحَاجِبَيْنِ وَسَفَلَ عَنْ شَعْرِ الرَّأْسِ فَيَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ.
قَوْلُهُ: [لَا يُسَمَّى مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ] إلَخْ: قَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا يَظْهَرُ تَعْرِيفُ الْمُوضِحَةِ بِمَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الدِّيَةِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْقِصَاصِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ] : أَيْ قِصَاصًا أَوْ دِيَةً.
قَوْلُهُ: [بَلْ وَإِنْ ضَاقَ] : أَيْ بَلْ يَثْبُتُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا كَإِبْرَةٍ إلَخْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute