للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي لِحُصُولِ التَّرَدُّدِ فِي الْحَقِيقَةِ. وَأَمَّا لَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ لَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَ سَنَدٌ، لِأَنَّ فِعْلَهُ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ رَفْعِ الْحَدَثِ. وَكَذَا لَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ مَعَ إخْرَاجِ حَدَثٍ نَاقِضٍ، كَأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِ الْبَوْلِ، أَوْ: إلَّا مِنْ الْبَوْلِ، أَوْ: نَوَيْته مِنْ الْغَائِطِ لَا مِنْ الْبَوْلِ، وَكَذَا لَا تُجْزِئُ إذَا حَصَلَ عِنْدَهُ شَكٌّ فِي وُضُوئِهِ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَهَذَا الْوُضُوءُ لِذَلِكَ الْحَدَثِ، لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ.

(وَلَا يَضُرُّ عُزُوبُهَا، بِخِلَافِ الرَّفْضِ فِي الْأَثْنَاءِ، لَا بَعْدَهُ، كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ) : أَيْ أَنَّ عُزُوبَ النِّيَّةِ: أَيْ ذَهَابَهَا بَعْدَ أَنْ أَتَى بِهَا فِي أَوَّلِهِ - بِأَنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهَا عِنْدَ فِعْلِ غَيْرِ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ - لَا يَضُرُّ فِي الْوُضُوءِ. بِخِلَافِ الرَّفْضِ: أَيْ الْإِبْطَالِ فِي أَثْنَائِهِ بِأَنْ يُبْطِلَ مَا فَعَلَهُ مِنْهُ، كَأَنْ يَقُولَ بِقَلْبِهِ: أَبْطَلْت وُضُوئِي، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهُ إنْ أَرَادَ بِهِ صَلَاةً وَنَحْوَهَا. بِخِلَافِ رَفْضِهِ بَعْدَ إتْمَامِهِ، فَلَا يَضُرُّ. وَجَازَ لَهُ أَنْ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [غَيْرُ مُعَيَّنٍ] : أَيْ بِحَيْثُ صَارَ صَادِقًا بِالْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَوْ بِالْخَبَثِ فَقَطْ أَوْ بِالْحَدَثِ فَقَطْ، فَالضَّرَرُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: [كَمَا قَالَ سَنَدٌ] : وَمِثْلُهُ إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقِهَا فِي الْحَدَثِ، فَالْإِجْزَاءُ فِي صُورَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: [مِنْ غَيْرِ الْبَوْلِ] : أَيْ مَعَ حُصُولِ الْبَوْلِ مِنْهُ، فَلَا ضَرَرَ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ.

قَوْلُهُ: [وَإِلَّا مِنْ الْبَوْلِ] : أَيْ وَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا ضَرَرَ كَمَا عَلِمْت.

قَوْلُهُ: [لَا مِنْ الْبَوْلِ] : أَيْ وَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ بَاطِلٌ، حَصَلَ مِنْهُ مَا نَوَاهُ أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: [لِعَدَمِ الْجَزْمِ] : أَيْ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُتَرَدِّدَةٌ لِكَوْنِهِ عَلَّقَهَا عَلَى حَدَثٍ مُحْتَمَلٍ، وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ نَاقِضًا - إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فِي نِيَّتِهِ فَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى عَدَمِ نَقْضِ الشَّكِّ وِفَاقًا لِلْحَطَّابِ. وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ، وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ مِمَّا شَكَّ فِيهِ فَيَرْتَفِعُ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: [وَلَا يَضُرُّ عُزُوبُهَا] إلَخْ. يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِنِيَّةٍ مُضَادَّةٍ كَنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ فِي الْأَثْنَاءِ انْقِضَاءَ الطَّهَارَةِ وَكَمَالَهَا، وَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ بَعْضَهَا، ثُمَّ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَا يُجْزِي: انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>