للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّاتِ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ؛ وَالْأَوَّلُ بَيْعٌ وَالثَّانِي هِبَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " مَمْلُوكٍ " مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ كَإِقْطَاعٍ مِنْ إمَامٍ أَوْ إسْقَاطِ حَقٍّ، مِنْ نَحْوِ وَقْفٍ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " حَيَاةَ الْمُعْطَى " الْوَقْفُ الْمُؤَبَّدُ، وَكَذَا الْمُؤَقَّتُ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَخَرَجَ بِهِ الْإِعَارَةُ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: " الْمُعْطَى " بِالْفَتْحِ يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَيَاةُ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَوْ حَيَاةُ أَجْنَبِيٍّ - كَزَيْدٍ لَا تُسَمَّى عُمْرَى حَقِيقَةً وَإِنْ جَازَتْ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِحَيَاةِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ. فَإِذَا قَالَ الْمَالِكُ: أَعْمَرْتُكَ دَارِي مَثَلًا، حُمِلَ عَلَى عُمْرِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ فَلَا كَلَامَ لِوَارِثِ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ إذَا مَاتَ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " بِغَيْرِ عِوَضٍ " الْإِجَارَةُ وَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِالْأَجَلِ. (كَأَعْمَرْتُكَ) أَوْ أَعْمَرْت زَيْدًا (أَوْ) أَعْمَرْت (وَارِثَك) مَثَلًا وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الْإِعْمَارِ، بَلْ مَا دَلَّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ: وَ " أَوْ " مَانِعَةِ خُلُوٍّ، فَتُجَوَّزَ الْجَمْعُ كَأَعْمَرْتُكَ وَوَارِثُك، فَيُصَدَّقُ كَلَامُهُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ:

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَالْأَوَّلُ بَيْعٌ] : أَيْ أَوْ هِبَةُ ثَوَابٍ.

قَوْلُهُ: [كَإِقْطَاعٍ مِنْ إمَامٍ] : أَيْ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَمْلِكُ الْأَقْطَاعَ الَّتِي يُقْطِعُهَا لِبَعْضِ النَّاسِ وَتَقَدَّمَ اللُّغْزُ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: [أَوْ إسْقَاطِ حَقٍّ] : أَيْ كَسَاكِنِ بَيْتٍ مَوْقُوفٍ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ لِآخِرِ حَيَاتِهِ.

قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَبَاطِلٌ] : اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ وَقَدْ يُقَالُ مَعْنَاهُ وَإِلَّا يَكُنْ الشَّيْءُ غَيْرَ الْمَمْلُوكِ إقْطَاعًا مِنْ إمَامٍ أَوْ إسْقَاطَ حَقٍّ مِنْ نَحْوِ وَقْفٍ بَلْ كَانَ تَمْلِيكَ مَنْفَعَةِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا شُبْهَةٍ فَبَاطِلٌ وَإِنَّمَا كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ بَاطِلٌ.

قَوْلُهُ: [وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَيَاةَ الْمُعْطَى] إلَخْ: أَيْ فَلَا يُقَالُ لِمَا ذُكِرَ عُمْرَى.

قَوْلُهُ: [وَخَرَجَ بِهِ الْإِعَارَةُ أَيْضًا] : أَيْ مُدَّةً مَعْلُومَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِحَيَاةِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَإِلَّا كَانَتْ عُمْرَى لِأَنَّ الْعُمْرَى لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ.

قَوْلُهُ: [وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ] إلَخْ: إنَّمَا كَانَتْ إجَارَةً لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ.

قَوْلُهُ: [لِلْجَهْلِ بِالْأَجَلِ] : أَيْ لِأَنَّ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطَى مَجْهُولَةٌ.

قَوْلُهُ: [بَلْ مَا دَلَّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ] : أَيْ بِغَيْرِ عِوَضٍ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطَى.

قَوْلُهُ: [فَيُصَدَّقُ كَلَامُهُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ] : إلَّا أَنَّهُ إنْ أَعْمَرَهُ وَوَارِثَهُ مَعًا لَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ كَوَقْفٍ عَلَيْك وَوَلَدِك عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ حَيْثُ كَانَ الْوَالِدُ أَحْوَجَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>