وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَأَيِسَ) وَقْتَ حُصُولِهِ (مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوَاتِهِ) : أَيْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَزُولُ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَيَتَحَلَّلُ قَبْلَ الْوُقُوفِ. لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الْأَشْيَاخِ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِحَيْثُ لَوْ سَارَ إلَى عَرَفَةَ مِنْ مَكَانِهِ لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ، أَوْ زَالَ الْمَانِعُ، فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ يَزُولُ قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَفُوتَ، فَإِنْ فَاتَ فَيَفْعَلُ عُمْرَةً كَمَا لَوْ أَحْرَمَ عَالِمًا بِالْمَانِعِ أَوْ حُبِسَ بِحَقٍّ أَوْ مُنِعَ لِمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ.
(وَلَا دَمَ) عَلَى الْمَحْصُورِ بِمَا ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ دَمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] .
(وَعَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْمُتَحَلِّلِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ أَوْ بِالنِّيَّةِ (حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ) وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالتَّحَلُّلِ الْمَذْكُورِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا كَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَإِنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَهُوَ عَالَمٌ بِالْعَدُوِّ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ، فَلَمَّا مَنَعَهُ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ.
قَوْلُهُ: [لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الْأَشْيَاخِ] : أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ وَقْتَ إحْرَامِهِ كَانَ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِوَقْتٍ لَا يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ وُجِدَ مَانِعٌ أَمْ لَا، فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ فَاتَ فَيَفْعَلُ عُمْرَةً] : أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ عَنْ الْبَيْتِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ أَحْرَمَ عَالِمًا بِالْمَانِعِ] : تَشْبِيهٌ فِي كَوْنِهِ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ.
قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] إلَخْ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute