(كَأَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْبَيْتِ) ، بِمَا ذُكِرَ بِالشَّرْطَيْنِ: أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْمَانِعِ وَأَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، (فِي الْعُمْرَةِ) فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ مَتَى شَاءَ وَحَلَقَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ إنْ كَانَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ سُنَّةُ الْعُمْرَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ، وَإِنَّمَا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ تَطَوُّعًا فَأَمَرَ بِذَبْحِهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالتَّحَلُّلِ الْمَذْكُورِ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْحَصْرُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ مِنْ حَبْسٍ ظُلْمًا بِخِلَافِ حَجَّةِ التَّطَوُّعِ، فَيَقْضِيهَا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِعَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا فَلَا يُطَالَبُ بِالْقَضَاءِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ مَتَى شَاءَ] : أَيْ كَمَا وَقَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ.
تَتِمَّةٌ: لَا يَلْزَمُ الْمَحْصُورَ طَرِيقٌ مَخُوفٌ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُونَةِ فَيَلْزَمُ سُلُوكُهَا، وَإِنْ بَعُدَتْ مَا لَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا. وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ: هَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ لِتَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ لَهُ كَافِرًا أَمْ لَا؟ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ الدَّفْعِ لِأَنَّ ذِلَّةَ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَانِعُ مُسْلِمًا فَيَجُوزُ الدَّفْعُ لَهُ بِاتِّفَاقٍ، وَيَجِبُ إنْ قَلَّ وَلَا يَنْكُثْ، وَهَذَا مَا لَمْ يُمْكِنْ قِتَالُهُ وَإِلَّا جَازَ قِتَالُهُ مُطْلَقًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا بِاتِّفَاقٍ حَيْثُ كَانَ بِغَيْرِ الْحَرَمِ. وَإِنْ كَانَ بِالْحَرَمِ فَقَوْلَانِ: إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا قُوتِلَ قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute