(وَ) قَدَّمَ (الصَّيْدَ) لِلْمُحْرِمِ (عَلَى الْخِنْزِيرِ) لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ وَحُرْمَةَ صَيْدِ الْمُحْرِمِ عَرَضِيَّةٌ، (وَ) قَدَّمَ (مُخْتَلَفًا فِيهِ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (عَلَى مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ) كَالْخَيْلِ تُقَدَّمُ عَلَى الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ، (وَ) قَدَّمَ (طَعَامَ الْغَيْرِ) : أَيْ غَيْرَ الْمُضْطَرِّ (عَلَى مَا ذُكِرَ) مِنْ الْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَلَحْمِ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ بِغَصْبٍ، (إلَّا لِخَوْفٍ كَقَطْعٍ) لِيَدٍ وَكَذَا خَوْفُ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ فَأَوْلَى الْقَتْلُ، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ أَوْ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ.
(وَقَاتَلَ) الْمُضْطَرُّ جَوَازًا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ صَاحِبِهِ لَكِنْ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) بِأَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ قَاتَلَهُ فَإِنْ قُتِلَ صَاحِبُهُ فَهَدَرٌ لِوُجُوبِ بَذْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ، وَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ فَالْقِصَاصُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
دَائِمَةٌ.
قَوْلُهُ: [كَالْخَيْلِ] : أَيْ فَإِنَّ مَشْهُورَ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ حِلُّ أَكْلِهَا، فَعَلَى مَذْهَبِهِ تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَفِي مَذْهَبِنَا قَوْلٌ بِالْإِبَاحَةِ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ لَنَا قَوْلٌ عَنْ مَالِكٍ بِكَرَاهَةِ أَكْلِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، فَتُقَدَّمُ إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَتُذَكَّى عَلَى الْمَيْتَةِ.
قَوْلُهُ: [كَقَطْعٍ لِيَدٍ] : أَيْ كَالسَّرِقَةِ مِنْ تَمْرِ الْجَرِينِ وَغَنَمِ الْمَرَاحِ وَكُلِّ مَا كَانَ فِي حِرْزِ صَاحِبِهِ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا خَوْفُ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ] : أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي سَرِقَتِهِ قَطْعٌ. إنْ قُلْت: الْمُضْطَرُّ إذَا ثَبَتَ اضْطِرَارُهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَا ضَرْبُهُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَيْتَةٌ فَكَيْفَ يَخَافُ الْقَطْعَ؟ أُجِيبُ بِأَنَّ الْقَطْعَ قَدْ يَكُونُ بِالتَّغْلِيبِ وَالظُّلْمِ وَتَقْدِيمِ طَعَامِ الْغَيْرِ بِشَرْطِهِ عَلَى الْمَيْتَةِ مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَيَتَعَيَّنُ مَا وَجَدَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ خَوْفِ الْقَطْعِ إنَّمَا هُوَ إذَا وَجَدَ الْمَيْتَةَ أَوْ الْخِنْزِيرَ أَوْ لَحْمَ الْمُحَرَّمِ، وَإِلَّا أَكَلَ وَلَوْ خَافَ الْقَطْعَ كَمَا فِي الْأُجْهُورِيِّ، لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ مُقَدَّمٌ عَلَى خَوْفِ الْقَطْعِ وَالضَّرْبِ، وَحَيْثُ أَكَلَ الطَّعَامَ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَمَنٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَقَاتَلَ الْمُضْطَرُّ جَوَازًا] : بَلْ إذَا خَشِيَ الْهَلَاكَ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ قَاتَلَ وُجُوبًا لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute