(أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ) بِلَا تَفَرُّقٍ فِي الْمَجْلِسِ فَيُمْنَعُ وَيَفْسُدُ الصَّرْفُ. (أَوْ) غَابَ (نَقْدَاهُمَا) مَعًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ. وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنْ تَعْقِدَ الصَّرْفَ مَعَ غَيْرِك وَلَيْسَ مَعَكُمَا شَيْءٌ، ثُمَّ تَقْتَرِضَ الدِّينَارَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِك وَهُوَ يَقْتَرِضُ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ فَدَفَعْت لَهُ الدِّينَارَ وَدَفَعَ لَك الدَّرَاهِمَ؛ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ وَاقْتَرَضْت أَنْتَ الدِّينَارَ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ الصُّرَّةِ وَلَمْ تَقُمْ وَلَمْ تَبْعَثْ لَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ (اهـ) . وَمَعْنَى قَوْلِهَا: لَا خَيْرَ فِيهِ. أَنَّهُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الْفَسَادِ وَالْغَرَرِ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (أَوْ) وَقَعَ الصَّرْفُ (بِدَيْنٍ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ كَأَنْ يَكُونَ لَك عَلَى شَخْصٍ دَرَاهِمُ وَلَهُ عَلَيْك دَنَانِيرُ فَتُسْقِطُ الدَّرَاهِمَ فِي الدَّنَانِيرِ فَيَمْتَنِعُ (إنْ تَأَجَّلَ) الدَّيْنُ مِنْ كُلٍّ بَلْ (وَإِنْ) تَأَجَّلَ (مِنْ أَحَدِهِمَا) . لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. فَكَأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَعَقْدُ الصَّرْفِ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقِيلَ: يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ شَرِيكًا فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ قَبَضَ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا ضَرَّ إنْ قَبَضَ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَقِيلَ: إنْ قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَإِنْ قَبَضَ فِي غَيْبَتِهِ ضَرَّ مُطْلَقًا. وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فَيُمْنَعُ وَيَفْسُدُ الصَّرْفُ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: [وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ] إلَخْ: مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ هَذِهِ تُسَمَّى الصَّرْفَ عَلَى الذِّمَّةِ كَمَا فِي (شب) . وَأَمَّا الصَّرْفُ فِي الذِّمَّةِ فَهِيَ فِي الدُّيُونِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى عَقْدِ الصَّرْفِ الَّتِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ: أَوْ وَقَعَ الصَّرْفُ بِدَيْنٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَخْ. قَوْلُهُ: [اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ] : أَيْ قَبَضَ وَأَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ مَا أَسْلَفَهُ فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ يَأْخُذُهُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَاَلَّذِي لَهُ الدَّرَاهِمُ يَأْخُذُهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فِي نَظِيرِ الدِّينَارِ الَّذِي تَرَكَهُ لِصَاحِبِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ الدِّينَارُ حِينَ تَصَارَفَ فَقَدْ عَجَّلَ الدِّينَارَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَسَلَّفَهُ لِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْأَجَلُ يَصْرِفُهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَظَهَرَ كَوْنُهُ صَرْفًا مُؤَخَّرًا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute