للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ (انْتَهَى) : وَإِذَا أَوْجَبَ فَوْتُ الْمِثْلِيِّ غُرْمَ الْمِثْلِ، فَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَغْصُوبِ أَنْ يُلْزِمَ الْغَاصِبَ رَدَّ مَالِ صَاحِبِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ إلَى بَلَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: " وَلَا رَدَّهُ " فَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ الْتِزَامًا وَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ كَمَا قِيلَ.

(وَ) لَهُ (الْمَنْعُ مِنْهُ) : أَيْ مَنْعُ الْغَاصِبِ مِنْ الْمَغْصُوبِ أَيْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إذَا وَجَدَهُ مَعَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ (لِلتَّوَثُّقِ) : عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ أَيْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَثَّقَ مِنْهُ (بِكَرَهْنٍ) : يَأْخُذُهُ مِنْهُ. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ: الْحَمِيلَ، خَشْيَةَ أَنْ يَضِيعَ حَقُّ رَبِّهِ. وَمِثْلُهُ الْمُقَوَّمُ حَيْثُ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ وَلَمْ يَأْخُذْهُ بَلْ اخْتَارَ أَخْذَ قِيمَتِهِ. وَإِذَا مَنَعَهُ لِلتَّوَثُّقِ فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ مَرْدُودٌ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ وَهَبَ لَهُ قَبُولُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يُعْطِيَ لِصَاحِبِهِ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَنْعُ الْأَكْلِ مِنْ مَغْصُوبٍ فَاتَ، وَلَزِمَ الْغَاصِبَ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ لِرَبِّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَرُدُّهَا حَتَّى يَرُدَّ بِالْفِعْلِ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ؛ وَمُقْتَضَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُدَوَّنَةِ الْجَوَازُ وَرُجِّحَ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ وَعَلَيْهِ فَالْوَرَعُ تَرْكُهُ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [بَلْ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ] : أَيْ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ أَوْ يَضْمَنَهُ الْمَغْصُوبَ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.

قَوْلُهُ: [وَلَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ] : أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رُفِعَتْ لَهُ الْحَادِثَةُ أَنْ يَمْنَعَ الْغَاصِبَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمِثْلِيِّ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ.

قَوْلُهُ: [بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ] : أَيْ كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ.

قَوْلُهُ: [الْجَوَازُ وَرُجِّحَ] : أَيْ كَمَا لِابْنِ نَاجِي تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمِعْيَارِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ، وَاعْتَمَدَ هَذَا أَيْضًا فِي الْحَاشِيَةِ، خِلَافًا لِفَتْوَى النَّاصِرِ وَالْقَرَافِيِّ وَصَاحِبِ الْمَدْخَلِ مِنْ الْمَنْعِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَدْفَعُ قِيمَةً. لَكِنَّ مَحَلَّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْغَاصِبُ مُسْتَغْرِقًا لِلذِّمَمِ وَجَمِيعُ مَا بِيَدِهِ أَصْلُهَا أَمْوَالُ النَّاسِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ طَعَامِهِ وَلَا قَبُولُ هَدَايَاهُ بِإِجْمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لَنَا ذَلِكَ فِي الْحَجْرِ نَقْلًا عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ: [فَالْوَرَعُ تَرْكُهُ] : أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشُّبُهَاتِ وَالْوَرَعُ تَرْكُ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>