الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: تَفْلِيسٌ عَامٌّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ وَلَهُمْ سَجْنُهُ وَمَنْعُهُ حَتَّى مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: تَفْلِيسٌ خَاصٌّ وَهُوَ خَلْعُ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ. وَإِلَى الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(الْفَلَسُ إحَاطَةُ الدَّيْنِ بِمَالِ الْمَدِينِ) : فَيَمْنَعُهُ الْهِبَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لَا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَالتَّصَرُّفَ اللَّازِمَ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ. (وَالتَّفْلِيسُ الْأَعَمُّ: قِيَامُ ذِي دَيْنٍ حَلَّ) أَجَلُهُ أَوْ كَانَ حَالًّا أَصَالَةً (عَلَى مَدِينٍ) لَهُ (لَيْسَ لَهُ) : أَيْ لِلْمَدِينِ مِنْ الْمَالِ (مَا يَفِي بِهِ) : أَيْ بِالدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ مَا مَعَهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَذَا إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِمَّا سَيَأْتِي، إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُنْقِصُ مَالَهُ عَنْ الدَّيْنِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقَوْلُهُ: [وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ] : كِنَايَةٌ عَنْ مَنْعِهِ مِنْ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ.
قَوْلُهُ: [وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ] : كَالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ عُمُومُ الْمَنْعِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَى الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ] إلَخْ: لَكِنَّ تَسْمِيَتَهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مُفْلِسًا بِاعْتِبَارِ التَّهَيُّؤِ وَالصَّلَاحِيَةِ لَا بِالْفِعْلِ.
قَوْلُهُ: [إحَاطَةُ الدَّيْنِ بِمَالِ الْمَدِينِ] : أَيْ بِأَنْ زَادَ الدَّيْنُ عَلَى مَالِ الْمَدِينِ أَوْ سَاوَاهُ.
قَوْلُهُ: [ذِي دَيْنٍ حَلَّ] إلَخْ: مَفْهُومُهُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ لَا يَمْنَعُ الْغَرِيمَ مِنْ التَّبَرُّعِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي التَّتَّائِيِّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ السَّنْهُورِيِّ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُهُ.
قَوْلُهُ [إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُنْقِصُ مَالَهُ عَنْ الدَّيْنِ] : أَيْ كَمَا إذَا كَانَ يَمْلِكُ مِائَةً وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِسِتِّينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute