للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهُ مَنْعُهُ) : أَيْ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (مِنْ تَبَرُّعِهِ) بِهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَحَبْسٍ وَإِخْدَامٍ وَحَمَالَةٍ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَمِنْ التَّبَرُّعِ قَرْضُهُ، فَيُمْنَعُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: " وَمِنْ تَبَرُّعِهِ " لَا مَفْهُومَ لَهُ، بَلْ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ، لِأَنَّ التَّفْلِيسَ الْأَعَمَّ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ - خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ عَرَفَةَ - بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ بِلَا قِيَامٍ فَلَا تُمْنَعُ الْمُعَاوَضَاتُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هَذَا هُوَ النَّقْلُ. (وَ) مَنَعَهُ (مِنْ إعْطَاءِ كُلِّ مَا بِيَدِهِ) مِنْ الْمَالِ (لِبَعْضٍ) مِنْ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ (أَوْ) إعْطَاءِ (بَعْضِهِ) : أَيْ بَعْضَ مَا بِيَدِهِ (قَبْلَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ) ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْبَاقِي لَا يَصْلُحُ لِلْمُعَامَلَةِ. (وَ) مَنَعَهُ مِنْ (إقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ) : مِنْ وَلَدٍ وَنَحْوِهِ وَزَوْجَةٍ يَمِيلُ لَهَا وَصِدِّيقٍ مُلَاطِفٍ. وَيُرَدُّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَّهَمِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [مِنْ تَبَرُّعِهِ] : مُتَعَلِّقٌ بِمَنْعِ.

قَوْلُهُ: [وَحَمَالَةٍ] : أَيْ ضَمَانٍ لِأَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الصَّدَقَةِ.

قَوْلُهُ: [وَمِنْ التَّبَرُّعِ قَرْضُهُ] : أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ عَدِيمٍ خِلَافًا لِتَقْيِيدِهِ فِي الْأَصْلِ بِالْعَدِيمِ.

قَوْلُهُ: [فَلَا تَمْنَعُ الْمُعَاوَضَاتُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ] : أَيْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ.

قَوْلُهُ: [مِنْ إعْطَاءِ كُلِّ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ لِبَعْضٍ] : فَإِنْ وَقَعَ وَأَعْطَى جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ كَانَ لِغَيْرِهِ رَدُّ الْجَمِيعِ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا يَبْقَى الْبَعْضُ الْجَائِزُ الَّذِي يَسُوغُ إعْطَاؤُهُ لَهُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ الصَّفْقَةُ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا فَسَدَتْ كُلُّهَا وَلَا فَرْقَ فِي إعْطَاءِ الْكُلِّ بَيْنَ كَوْنِ الْإِعْطَاءِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: [قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ] : أَيْ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ السَّلَفِ.

قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَّهَمِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ] : الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفْلِسِ وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ أَنَّ إقْرَارَ كُلٍّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَمْضِي إذَا كَانَ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا بِالْإِقْرَارِ لَا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ كُلٍّ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَا يَمْضِي سَوَاءٌ كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>