للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ، كَمَا لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ، وَقَوْلُهُ:

(بِنَفْيِ نَسَبٍ) مُرْتَبِطٌ بِرَمْيٍ: أَيْ قَطْعِهِ (عَنْ أَبٍ) دَنِيَّةٌ (أَوْ جَدٍّ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، وَلَوْ كَانَ أَبُو الْمَقْذُوفِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا عَلَى الرَّاجِحِ.

(أَوْ بِزِنًا) عَطْفٌ عَلَى " بِنَفْيِ ": أَيْ رَمَى الْمُكَلَّفُ حُرًّا بِزِنًا.

(إنْ كُلِّفَ) الْمَقْذُوفُ - بِأَنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا - زِيَادَةً عَلَى شَرْطَيْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، فَمَنْ جُنَّ مِنْ وَقْتِ الْبُلُوغِ إلَى وَقْتِ الْقَذْفِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِالزِّنَا (وَعَفَّ عَنْهُ) : أَيْ عَنْ الزِّنَا قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ لِوَقْتِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ، وَالرَّاجِحُ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [كَمَا لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ] : أَيْ بِزِنًى أَوْ بِنَفْيِ نَسَبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَيُحَدُّ لَهُمَا، وَكَذَا إنْ كَانَ أَبُوهُ حُرًّا مُسْلِمًا وَأُمُّهُ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: لَسْت ابْنًا لِفُلَانٍ فَقَدْ قَذَفَ فُلَانًا بِأَنَّهُ أَحْبَلَ أُمَّهُ فِي الزِّنَا قَبْلَ نِكَاحِهَا فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا، وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْحَدِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَظَرًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ أَنَّ أُمَّ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ حَمَلَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ الْقَاذِفُ قَذَفَ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً.

قَوْلُهُ: [عَنْ أَبٍ] : أَيْ وَأَمَّا قَطْعُهُ عَنْ الْأُمِّ كَقَوْلِهِ لَسْت ابْنًا لِفُلَانَةَ فَلَا يُسَمَّى قَذْفًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ عَنْهَا وَيُؤَدَّبُ قَائِلُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: [مِنْ جِهَةِ الْأَبِ] : مُقْتَضَاهُ أَنَّ نَفْيَهُ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ كَنَفَيْهِ.

قَوْلُهُ: [عَلَى الرَّاجِحِ] : أَيْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

قَوْلُهُ: [إنْ كُلِّفَ الْمَقْذُوفُ] : قَيْدٌ فِي الثَّانِي وَأَمَّا نَفْيُ النَّسَبِ فَلَا يَشْتَرِطُ تَكْلِيفَ الْمَقْذُوفِ، بَلْ يَشْتَرِطُ حُرِّيَّتَهُ وَإِسْلَامَهُ فَقَطْ وَإِنْ مَجْنُونًا أَوْ رَضِيعًا بَلْ وَلَوْ حَمْلًا.

قَوْلُهُ: [فَمَنْ جُنَّ] إلَخْ: مَفْهُومُهُ لَوْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ أَنْ يُحَدَّ رَامِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ رَمْيُهُ حَالَةَ الصِّحَّةِ وَالْبُلُوغِ.

قَوْلُهُ: [وَعَفَّ عَنْهُ] : أَيْ كَانَ سَالِمًا مِنْ الزِّنَا. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَفَافُ الْمَقْذُوفِ الْمُوجِبِ لَحَدِّ قَاذِفِهِ هُوَ السَّلَامَةُ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>