(أَوْ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَ) أَيْ: وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ إذَا كَانَ صَانِعًا وَدُفِعَ لَهُ شَيْءٌ لَهُ فِيهِ صَنْعَتُهُ كَخَيَّاطٍ دُفِعَ لَهُ ثَوْبٌ فَخَاطَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ دُفِعَ لَهُ لِيَصْنَعَهُ، وَقَالَ رَبُّهُ: بَلْ دَفَعْته لَك وَدِيعَةً عِنْدَك؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِيمَا يُدْفَعُ لِلصُّنَّاعِ - الِاسْتِصْنَاعُ وَالْإِيدَاعُ نَادِرٌ - فَيَلْزَمُ رَبَّهُ الْأُجْرَةُ.
(أَوْ أَنَّهُ عَلَى الصِّفَةِ) : الَّتِي قُلْت لِي عَلَيْهَا، وَقَالَ رَبُّهُ: بَلْ ذَكَرْت لَك صِفَةً أُخْرَى؛ فَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ كَخَيَّاطٍ وَصَبَّاغٍ وَنَجَّارٍ وَنَحْوِهِمْ (إنْ أَشْبَهَ) الْأَجِيرَ فِي دَعْوَاهُ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ حَلَفَ رَبُّهُ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ وَدَفَعَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَتَرَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، فَإِنْ نَكَلَ اشْتَرَكَا؛ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ مَثَلًا غَيْرَ مَصْبُوغٍ وَهَذَا بِقِيمَةِ صَبْغِهِ. فَقَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ عَلَى الصِّفَةِ، مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الِاسْتِصْنَاعِ وَاخْتَلَفَا صِفَتُهَا.
وَكَذَا الْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ إنْ أَشْبَهَ بِيَمِينِهِ، أَشْبَهَ رَبَّهُ أَمْ لَا. فَإِنْ انْفَرَدَ رَبُّهُ بِالشَّبَهِ، فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا، وَكَانَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. كَأَنْ نَكَلَا مَعًا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ، فَإِنْ حَازَهُ رَبُّهُ، أَوْ كَانَ الصَّانِعُ إنَّمَا يَصْنَعُهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ. وَلَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِهِ، أَوْ كَالْبِنَاءِ، فَالْقَوْلُ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ لِرَبِّهِ إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ الصَّانِعُ بِالشَّبَهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لَهُ.
(لَا فِي رَدِّهِ) : أَيْ الْمَصْنُوعِ لِرَبِّهِ (وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ) . كَالثَّوْبِ وَالْحُلِيِّ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ أَشْبَهَ] : أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِكِهِ فِي اسْتِعْمَالِهِ كَصَبْغِهِ شَاشًا أَخْضَرَ لِشَرِيفٍ أَوْ أَزْرَقَ لِنَصْرَانِيٍّ فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى شَرِيفٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَزْرَقَ لِيُهْدِيَهُ لِنَصْرَانِيٍّ، وَلَا دَعْوَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ لِيُهْدِيَهُ لِشَرِيفٍ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْمَالِكِ.
وَقَوْلُهُ: [إنْ أَشْبَهَ] : رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ فَحَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا الْقَوْلُ] إلَخْ: زِيَادَةٌ مِنْ الشَّارِحِ عَلَى الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ نَكَلَا مَعًا] : أَيْ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ] إلَخْ: تَقْيِيدٌ لِلتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّنَازُعِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ.
قَوْلُهُ: [لَا فِي رَدِّهِ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ رَدَّ الْمَصْنُوعِ لِرَبِّهِ وَأَنْكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute