للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّارِقَ، وَلَوْ شَرَطَ عِنْدَ الْأَمَانِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إنْ سَرَقَ، وَلَا يُوفِي لَهُ بِشَرْطِهِ، بِخِلَافِ مَا أَغَارُوا عَلَيْهِ وَسَلَبُوهُ مِنَّا مِنْ الْأَمْوَالِ أَوْ سَرَقُوهُ فِي غَيْرِ زَمَنِ عَهْدِهِمْ، فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ إنْ دَخَلُوا بِهِ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ إلَّا الْحُرَّ الْمُسْلِمَ، فَإِنَّهُ يُنْزَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِالْقِيمَةِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ مِنْ عَدَمِ النَّزْعِ ضَعِيفٌ وَلِذَا قِيلَ:

(وَ) اُنْتُزِعَ مِنْ الْمُعَاهَدِ (الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ) الَّذِينَ قَدِمَ بِهِمْ بَعْدَ أَسْرِهِمْ أَوْ سَرِقَتِهِمْ بِالْقِيمَةِ عَلَى فَرْضِ كَوْنِهِمْ أَرِقَّاءً، وَأَمَّا مَا سَرَقَهُ زَمَنَ عَهْدِهِ فَيُنْزَعُ مِنْهُ بِلَا قِيمَةٍ قَوْلًا وَاحِدًا.

(وَمَلَكَ) حَرْبِيٌّ دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ أَوْ لَا (بِإِسْلَامِهِ) جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ مِنْ أَمْوَالِنَا وَغَيْرَهَا كَذِمِّيٍّ وَمَالِهِ (غَيْرَهُمَا) : أَيْ غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَمَا سَرَقَهُ مِنَّا أَيَّامَ عَهْدِهِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ إنْ دَخَلُوا بِهِ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ] : أَيْ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ، غَايَةُ مَا فِيهِ يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ اشْتِرَاؤُهُ مِنْهُمْ لِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَشِرَاؤُهَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْمَالِكِ. وَأَمَّا لَوْ قَدِمَ الْحَرْبِيُّ عِنْدَنَا قَهْرًا كَالدَّوْلَةِ الفرنساوية فَإِذَا نَهَبُوا أَمْتِعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَأَرَادُوا بَيْعَهَا فَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا، فَلَهُمْ أَخْذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ مَجَّانًا. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا بِقَصْدِ الْفِدَاءِ لِرَبِّهَا فَالْأَحْسَنُ أَخْذُهَا بِالْفِدَاءِ، لِأَنَّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ بِأَخْذِ الْكُفَّارِ لَهَا بِالْقَهْرِ مَا دَامَتْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِهَا. كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا وَهَبَهُ الفرنساوية مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَا يَفُوتُ عَلَى مَالِكِهِ بِالْهِبَةِ. بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ وَبِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَهَا مِنْهُمْ وَهُوَ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إمَّا لِأَنَّ الْأَمَانَ يُحَقِّقُ مِلْكَهُ أَوْ لِأَنَّهُ بِالْعَهْدِ صَارَ لَهُ حُرْمَةٌ لَيْسَتْ لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ. بِخِلَافِ مَا بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ فِي دِيَارِهِمْ فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَمَجَّانًا فِي الْهِبَةِ.

قَوْلُهُ: [إلَّا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ] : أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.

قَوْلُهُ: [وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ] إلَخْ: هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُمْ الْإِنَاثُ دُونَ الذُّكُورِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ قَدْ عَلِمْتهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>