غَيْرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةٍ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا قَطْعًا، نَعَمْ تُسْتَحْسَنُ الْمُشَاوَرَةُ لِثُبُوتِ الْوَاجِبَاتِ وَرَفْعِ الْمُنَازَعَاتِ. وَالْحَقُّ أَنَّ إذْنَهَا صَمْتُهَا كَغَيْرِهَا، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا فَسَادًا وَلَا ضَيْعَةً أَوْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَزُوِّجَتْ (فُسِخَ) نِكَاحُهَا.
(إلَّا إذَا دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) الزَّمَنُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْبُلُوغِ فَلَا يُفْسَخُ. وَفَسَّرَ الطُّولَ (بِالسِّنِينَ) كَالثَّلَاثَةِ بَعْدَ دُخُولِهَا وَبُلُوغِهَا، (أَوْ) وِلَادَةِ (الْأَوْلَادِ) كَاثْنَيْنِ فِي بَطْنَيْنِ، وَشَهَرَ هَذَا الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْمَشْهُورُ الْفَسْخُ أَبَدًا فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ كَمَا أَشَرْنَا لِذَلِكَ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
مَا ارْتَضَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خِيفَةِ الْفَسَادِ مَتَى خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فِي مَآلِهَا، أَوْ فِي حَالِهَا زُوِّجَتْ بَلَغَتْ عَشْرًا أَوْ لَا، رَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ أَمْ لَا، فَيُجْبِرُهَا وَلِيُّهَا عَلَى التَّزْوِيجِ، وَوَجَبَ مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي فِي تَزْوِيجِهَا، فَإِنْ زُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَتِهِ صَحَّ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَزُوِّجَتْ صَحَّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ (اهـ) . فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى خُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ، أَمَّا رِضَاهُمَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ، وَأَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَأَنَّ الْجِهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ عَلَى التَّحْقِيقِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ يُشَاوَرُ لِعَدَمِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ ظَالِمًا كَفَى جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ.
قَوْلُهُ: [بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ] : قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خِلَافِ الْفَسَادِ وَالْخُلُوِّ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا] : ظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَزُوِّجَتْ مَعَ خَوْفِ الْفَسَادِ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالطُّولِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ صَحِيحٌ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَلَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالطُّولِ إلَّا إذَا زُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ فَسَادٍ.
قَوْلُهُ: [فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ] : وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ ثَالِثٌ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute