وَالنَّسِيبَةُ - وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً أَوْ قَبِيحَةً - لَيْسَتْ بِدَنِيئَةٍ بَلْ كُلُّ مَنْ اتَّصَفَتْ بِصِفَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ فَشَرِيفَةٌ، بَلْ وَبِصِفَةٍ فَقَطْ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. نَعَمْ الْوَقْفَةُ فِي قَوْمٍ فُقَرَاءَ شَأْنُهُمْ أَنْ يَكُونُوا خِدْمَةً لِلنَّاسِ وَلَا دِيَانَةَ عِنْدَهُمْ وَلَا صِيَانَةَ، فَهُمْ - وَإِنْ عُرِفَ نَسَبُهُمْ - إلَّا أَنَّهُمْ لِعَدَمِ دِيَانَتِهِمْ وَصِيَانَتِهِمْ وَكَوْنِهِمْ مُسَخَّرِينَ تَحْتَ أَيْدِي النَّاسِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِمْ، وَالظَّاهِرُ دَنَاءَتُهُمْ. وَبَقِيَ الْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ: هَلْ لَا يَجُوزُ لِمُطْلَقِ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِ الدَّنِيئَةِ مَعَ وُجُودِ كَأَبِيهَا؟ وَنَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَرَجَّحَ قَوْلَ الشَّيْخِ وَلَمْ يَجُزْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا، أَوْ يَجُوزُ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ فَتُّوحٍ وَغَيْرِهِمْ، وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ قَوْلَهُ: (كَشَرِيفَةٍ) : أَيْ كَمَا يَصِحُّ نِكَاحُ شَرِيفَةٍ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ خَاصٍّ غَيْرِ مُجْبِرٍ، (إنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) طُولًا (كَالْمُتَقَدِّمِ) : أَيْ كَالطُّولِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا إذَا زُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ أَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالنَّسِيبَةُ] أَيْ ذَاتُ النَّسَبِ الْعَالِي وَهِيَ الَّتِي اتَّصَفَتْ بِالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ لَا ذَاتِ النَّسَبِ فَقَطْ، بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [بَلْ وَبِصِفَةٍ فَقَطْ] إلَخْ: الظَّاهِرُ أَنَّ الصِّفَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَكْفِي بِدَلِيلِ اسْتِظْهَارِهِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: [فَهُمْ وَإِنْ عُرِفَ نَسَبُهُمْ] : أَيْ عُرِفَ أُصُولُهَا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ زِنًا وَلَا مَجْهُولَةَ النَّسَبِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّسَبِ عُلُوُّهُ لِأَنَّ النَّسَبَ يَرْجِعُ لِمَعْنَى الْحَسَبِ.
قَوْلُهُ: [وَالظَّاهِرُ دَنَاءَتُهُمْ] : وَحَيْثُ كَانَ انْفِرَادُ النَّسَبِ لَا يَكْفِي فِي الشَّرَفِ فَأَوْلَى انْفِرَادُ غَيْرِهِ مِنْ الصِّفَاتِ.
قَوْلُهُ: [كَشَرِيفَةٍ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ لِلشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبِرِ، وَطَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الدُّخُولِ - وَالطُّولُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - فَإِنَّهُ يَمْضِي اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا إنْ طَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ أَوْ لَا يَتَحَتَّمُ، وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَحَتُّمِ الْفَسْخِ هَلْ بِطَلَاقٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَوْ بِغَيْرِهِ خِلَافٌ، أَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ فَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ اتِّفَاقًا حَصَلَ دُخُولٌ أَمْ لَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute