وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَانْتَفَى الْخِيَارُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ بِصَاحِبِهِ عَيْبًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَمْ يَرْضَ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَلَوْ كَانَ هُوَ مَعِيبًا، لَكِنْ إنْ كَانَ مَعِيبًا بِغَيْرِ مَا قَامَ بِهِ فَظَاهِرٌ. وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا بِمِثْلِهِ - كَجُذَامٍ وَجُذَامٍ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامُ دُونَهَا لِأَنَّهُ بَذَلَ صَدَاقًا لِسَالِمَةٍ فَوَجَدَ مَا يَكُونُ صَدَاقُهَا دُونَ ذَلِكَ (اهـ) . وَهُوَ دَقِيقٌ.
(بِبَرَصٍ) أَيْ: ثَابِتٌ بِسَبَبِ وُجُودِ بَرَصٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعُيُوبَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَيْبًا، يَشْتَرِكَانِ فِي أَرْبَعَةٍ: الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْعَذْيْطَةُ، وَيَخْتَصُّ الرَّجُلُ بِأَرْبَعَةٍ: الْخِصَاءُ، وَالْجَبُّ، وَالْعُنَّةُ، وَالِاعْتِرَاضُ، وَتَخْتَصُّ الْمَرْأَةُ بِخَمْسَةٍ: الرَّتَقُ، وَالْقَرْنُ، وَالْعَفَلُ، وَالْإِفْضَاءُ، وَالْبَخَرُ، فَمَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَطْلَقَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: " لِلزَّوْجَيْنِ "، وَمَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ أَضَافَهُ لِضَمِيرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: " وَلَهَا "، وَمَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهَا أَضَافَهُ لِضَمِيرِهَا بَعْدَ قَوْلِهِ: " وَلَهُ ".
فَقَالَ: الْخِيَارُ لِلزَّوْجَيْنِ بِبَرَصٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْيَضِهِ وَأَسْوَدِهِ؛ الْأَرْدَأُ مِنْ الْأَبْيَضِ، لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْجُذَامِ، وَعَلَامَةُ الْأَسْوَدِ التَّقْشِيرُ وَالتَّفْلِيسُ، أَيْ يَكُونُ لَهُ قِشْرٌ مُدَوَّرٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي] إلَخْ: هَذَا إذَا كَانَتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ دَعْوَى تَحْقِيقٍ، أَمَّا إذَا كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ عَلَى الْقَاعِدَةِ.
قَوْلُهُ: [فَقَالَ اللَّخْمِيُّ] : وَنَصُّهُ وَإِنْ اطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبٍ فِي صَاحِبِهِ مُخَالِفٍ لِعَيْبِهِ، بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ بِهَا جُنُونًا، وَبِهِ هُوَ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ، كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِيَامُ، وَأَمَّا إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَجُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ، أَوْ جُنُونِ صَرَعٍ، فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ دُونَهَا لِأَنَّهُ بَذَلَ الصَّدَاقَ لِسَالِمَةٍ فَوَجَدَهَا مِمَّنْ يَكُونُ صَدَاقُهَا أَقَلَّ (اهـ) . وَلَكِنْ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْحَاشِيَةِ اسْتِظْهَارُ أَنَّ لِكُلٍّ الْقِيَامَ مُطْلَقًا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْآخَرِ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ وَ (ح) وَظَاهِرُ إطْلَاقِ ابْنِ عَرَفَةَ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ الضَّرَرُ وَاجْتِمَاعُ الْمَرَضِ عَلَى الْمَرَضِ يُورِثُ زِيَادَةً.
قَوْلُهُ: [وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعُيُوبَ] إلَخْ: أَيْ الَّتِي يُرَدُّ فِيهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَأَمَّا الَّتِي يُرَدُّ فِيهَا بِالشَّرْطِ فَهِيَ كَثِيرَةٌ وَسَيَأْتِي بَعْضُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute