(إنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْمَجْلِسِ (مَنْ يُتَأَذَّى) مِنْهُ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ، كَمَنْ شَأْنُهُ الْخَوْضُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ أَوْ مَنْ يُؤْذِيهِ (أَوْ مُنْكَرٌ كَفُرُشِ حَرِيرٍ) يَجْلِسُ عَلَيْهِ، هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ (وَآنِيَةِ نَقْدٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ تَبْخِيرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعْمِلُ غَيْرَهُ بِحَضْرَتِهِ، (وَسَمَاعِ غَانِيَةٍ) وَرَقْصِ نِسَاءٍ (وَآلَةِ لَهْوٍ) غَيْرِ دُفٍّ وَزَمَّارَةٍ وَبُوقٍ، (وَصُوَرِ حَيَوَانٍ) كَامِلَةٍ (لَهَا ظِلٌّ) لَا مَنْقُوشَةٍ بِحَائِطٍ أَوْ فُرُشٍ، إذَا كَانَتْ تَدُومُ كَخَشَبٍ وَطِينٍ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ تَدُمْ) كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ نَحْوِ قِشْرِ بِطِّيخٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَصَاوِيرَ الْحَيَوَانَاتِ تَحْرُمُ إجْمَاعًا إنْ كَانَتْ كَامِلَةً لَهَا ظِلٌّ مِمَّا يَطُولُ اسْتِمْرَارُهُ، بِخِلَافِ نَاقِصِ عُضْوٍ لَا يَعِيشُ بِهِ لَوْ كَانَ حَيَوَانًا، وَبِخِلَافِ مَا لَا ظِلَّ لَهُ كَنَقْشٍ فِي وَرَقٍ أَوْ جِدَارٍ. وَفِيمَا لَا يَطُولُ اسْتِمْرَارُهُ خِلَافٌ، وَالصَّحِيحُ حُرْمَتُهُ وَالنَّظَرُ إلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ، وَمَا تَصْوِيرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالسُّفُنِ وَالْأَشْجَارِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَسَمَاعِ غَانِيَّةٍ] : بِمَعْنَى مُغَنِّيَةٍ إذَا كَانَ غِنَاؤُهَا يُثِيرُ شَهْوَةً، أَوْ كَانَ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ، أَوْ كَانَ بِآلَةٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَوْتَارِ، لِأَنَّ سَمَاعَ الْغِنَاءِ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَإِلَّا كَانَ مَكْرُوهًا إنْ كَانَ مِنْ النِّسَاءِ لَا مِنْ الرِّجَالِ فَلَا كَرَاهَةَ مَا لَمْ يَكُونُوا مُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ، وَإِلَّا كَانَ حَرَامًا.
قَوْلُهُ: [وَصُوَرِ حَيَوَانٍ] : فِي عب نَقْلًا عَنْ (ح) أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمُحَرَّمِ تَصْوِيرُ لُعْبَةٍ عَلَى هَيْئَةِ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ تَلْعَبُ بِهَا الْبَنَاتُ الصِّغَارُ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا لِتَدْرِيبِ الْبَنَاتِ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَصْوِيرُهَا وَاللَّعِبُ بِهَا لِلْبَنَاتِ، وَبَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا وَإِنْ كَانَتْ كَامِلَةَ الْخِلْقَةِ فَانْظُرْهُ، مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ تَحْرُمُ إجْمَاعًا إنْ كَانَتْ كَامِلَةً.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ نَاقِصِ عُضْوٍ] : مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ مَخْرُوقَ الْبَطْنِ، وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الصُّوَرُ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُصَوِّرِينَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا كُنْتُمْ تُصَوِّرُونَ.
قَوْلُهُ: [وَالنَّظَرُ إلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ] : أَيْ كَمَشْيٍ عَلَى حَبْلٍ وَكَالنَّطِّ مِنْ الطَّارَّةِ وَاللَّعِبِ بِالسَّيْفِ لِلْخَطَرِ وَالْغَرَرِ فِي السَّلَامَةِ، وَفِي (بْن) عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ عَمَلَ ذَلِكَ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute