لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً، نَظَرًا لِقَوْلِهِ: " بَائِنَةً ". وَالْبَيْنُونَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِغَيْرِ عِوَضٍ إنَّمَا تَكُونُ ثَلَاثًا؛ فَأَلْزَمَ بِهَا الثَّلَاثَ كَمَا يَأْتِي، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِلَفْظِ وَاحِدَةٍ، إمَّا لِكَوْنِ " وَاحِدَةٌ " صِفَةً لِمَرَّةٍ مَحْذُوفًا أَيْ: مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: " بَائِنَةٌ، وَأَمَّا لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْفُرُوجِ مَا لَا يُحْتَاجُ فِي غَيْرِهَا، فَاعْتُبِرَ لَفْظُ بَائِنَةٍ وَأُلْغِي لَفْظُ وَاحِدَةٍ.
(أَوْ نَوَاهَا) : أَيْ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ (بِكَ: اُدْخُلِي وَاذْهَبِي) وَانْطَلِقِي مِنْ سَائِرِ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فَقَطْ فِي غَيْرِهَا مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ، وَأَوْلَى إذَا نَوَى الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ بِلَفْظِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ، كَأَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، وَنَوَى الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا، مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْبَيْنُونَةِ كَغَيْرِهَا. وَالْبَيْنُونَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا لَفْظِ خُلْعٍ ثَلَاثٌ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ وَلِذَا قَالَ:
(وَهِيَ) : أَيْ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لَفْظًا، أَوْ نِيَّةٌ بِلَفْظِ صَرِيحِهِ أَوْ كِنَايَتِهِ الْخَفِيَّةِ (ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) وَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ. وَأَمَّا نِيَّةُ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ كَ: خَلَّيْت سَبِيلَك فَلَا أَثَرَ لَهُ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِاللَّفْظِ
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنَّ الْبَائِنَةَ مَعْنَاهَا الْمُنْفَصِلَةُ، فَإِنْ كَانَ عُرْفُهُمْ أَنَّ مَعْنَاهَا الظَّاهِرَةُ الَّتِي لَا خَفَاءَ فِيهَا، وَقَصَدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَالظَّاهِرُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَتَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ رَجْعِيَّةً.
قَوْلُهُ: [بِغَيْرِ عِوَضٍ] : أَيْ وَبِغَيْرِ لَفْظِ الْخُلْعِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا] : أَيْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، خِلَافًا لِ (عب) حَيْثُ عَمَّمَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ.
قَوْلُهُ: [وَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا] : الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالْوَاحِدَةِ، فَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ خُلْعًا اسْتَوَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا فِي قَبُولِ نِيَّةِ الْوَاحِدَةِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْعِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِاللَّفْظِ] : أَيْ وَنِيَّةُ صَرْفِهِ مُبَايِنَةٌ لِوَضْعِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ لَا يَصْرِفُهُمَا عَنْ ظَاهِرِهِمَا إلَى الْأَخَفِّ إلَّا الْبِسَاطُ لَا النِّيَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute