للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ حَضْرَتَهُمْ حَضْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْوُضُوءُ نُورٌ فَيُقَوِّي بِهِ نُورَهُ الْبَاطِنِيَّ فِي حَضْرَتِهِمْ. وَكَذَا يُنْدَبُ الْوُضُوءُ لِزِيَارَةِ سُلْطَانٍ أَوْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ لِأَنَّ حَضْرَةَ السُّلْطَانِ حَضْرَةُ قَهْرٍ أَوْ رِضًا مِنْ اللَّهِ، وَالْوُضُوءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ وَحِصْنٌ مِنْ سَطْوَتِهِ. وَكَذَا يُنْدَبُ الْوُضُوءُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَقِرَاءَةِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَلِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا.

وَعِنْدَ النَّوْمِ وَعِنْدَ دُخُولِ السُّوقِ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ لَهْوٍ وَاشْتِغَالٍ بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَمَحَلُّ الْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ، فَلِلشَّيْطَانِ فِيهِ قُوَّةُ تَسَلُّطٍ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَالْوُضُوءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ وَدِرْعُهُ الْحَصِينُ مِنْ كَيْدِهِ وَكَيْدِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.

وَيُنْدَبُ أَيْضًا إدَامَةُ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ نُورٌ كَمَا وَرَدَ.

ــ

[حاشية الصاوي]

إلَّا إذَا نَوَى رَفْعَهُ أَوْ نَوَى فِعْلَ عِبَادَةٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: [فَيَقْوَى بِهِ نُورُهُ] إلَخْ: أَيْ فَتَتَّصِلُ رُوحُهُ بِأَرْوَاحِهِمْ وَيَسْتَمِدُّ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: [لِزِيَارَةِ سُلْطَانٍ] : مُرَادُهُ كُلُّ ذِي بَطْشٍ.

قَوْلُهُ: [حَضْرَةُ قَهْرٍ] إلَخْ: أَيْ فَهُوَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الْحَقِّ، رَحْمَةٌ وَنِقْمَةٌ يَرْحَمُ اللَّهُ بِهِ وَيَنْتَقِمُ اللَّهُ بِهِ، وَالْوُضُوءُ حِصْنٌ مِنْ النِّقْمَةِ فَاتِحٌ لِلرَّحْمَةِ.

قَوْلُهُ: [وَكَذَا يُنْدَبُ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ حَضْرَةَ مَا ذُكِرَ حَضْرَةُ اللَّهِ، فَيَتَعَرَّضُ فِيهَا الْعَبْدُ لِلنَّفَحَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ، فَيَتَهَيَّأُ لِتِلْكَ النَّفَحَاتِ بِالْوُضُوءِ وَإِخْلَاصِ الْبَاطِنِ.

قَوْلُهُ: [وَعِنْدَ النَّوْمِ] : أَيْ لِمَا وَرَدَ: «مَنْ نَامَ عَلَى طَهَارَةٍ سَجَدَتْ رُوحُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَلَاعَبُ بِهِ» .

قَوْلُهُ: [فَلِلشَّيْطَانِ فِيهِ قُوَّةُ تَسَلُّطٍ] : أَيْ لِمَا وَرَدَ: «إنَّ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْأَسْوَاقَ الشَّيَاطِينُ: بِرَايَاتِهَا وَإِنَّهَا شَرُّ الْبِقَاعِ» .

قَوْلُهُ: [كَمَا وَرَدَ] : مِنْ ذَلِكَ مَا فَسَّرَ بِهِ مَالِكٌ إطَالَةَ الْغُرَّةِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>