للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْتِي، وَإِلَّا لَزِمَ الِاسْتِمْتَاعُ بِعِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ، بِخِلَافِ الْمُوَكَّلَةِ فَلَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا لِقُدْرَةِ الزَّوْجِ عَلَى عَزْلِهَا، فَلَوْ اسْتَمْتَعَ بِهَا لَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَزْلًا لَهَا وَمَحَلُّ الْحَيْلُولَةِ وَالْإِيقَافِ وَقْتُ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يُعَلَّقْ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ عَلَى أَمْرٍ، كَقُدُومِ زَيْدٍ، فَإِنْ عَلَّقَهُ فَلَا حَيْلُولَةَ حَتَّى يَحْصُلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَجَابَتْ بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ.

(وَإِلَّا) تُجِبْ (أَسْقَطَهُ الْحَاكِمُ) أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلَا يُمْهِلُهَا وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِالْإِمْهَالِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ.

(وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي اخْتِيَارِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّهِ) ، كَأَنْ تَقُولَ: طَلَّقْتُ نَفْسِي، أَوْ: أَنَا طَالِقٌ مِنْكَ، أَوْ: بَائِنٌ، أَوْ: حَرَامٌ، أَوْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي، أَوْ: لَسْتُ لَكَ بِزَوْجَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. وَكَأَنْ تَقُولَ فِي رَدِّ الطَّلَاقِ: اخْتَرْتُكَ زَوْجًا وَرَدَدْتُ لَكَ مَا مَلَّكْتنِي، هَذَا إنْ رَدَّتْ مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ الطَّلَاقِ بِقَوْلٍ، بَلْ (وَلَوْ) (كَانَ بِفِعْلٍ: كَتَمْكِينِهَا) مِنْ نَفْسِهَا (طَائِعَةً) لَا مُكْرَهَةً (عَالِمَةً) بِالتَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ بِالْفِعْلِ، لَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِمَا جَعَلَهُ لَهَا. وَأَمَّا جَهْلُ الْحُكْمِ بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ التَّمْكِينَ مُسْقِطٌ لِحَقِّهَا فَلَا يَنْفَعُهَا، وَمِثْلُهَا الْأَجْنَبِيُّ؛ فَلَوْ مَلَّكَ أَوْ خَيَّرَ أَجْنَبِيًّا فَقَالَ:

ــ

[حاشية الصاوي]

قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك إلَى سَنَةٍ مَثَلًا، فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِيقَافِ وَالْحَيْلُولَةِ مَتَى عُلِمَ، وَإِلَّا لَزِمَ الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ

قَوْلُهُ: [وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ] إلَخْ: جَوَابُهَا الصَّرِيحُ الَّذِي يَقْتَضِي الطَّلَاقَ هُوَ صَرِيحُ الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَتُهُ الظَّاهِرَةُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهَا اخْتَرْتُ نَفْسِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ هُنَا، وَأَمَّا لَوْ أَجَابَتْ بِالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مَا بِيَدِهَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا أَنَّهَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ كَمَا نَقَلَهُ (ح) عَنْ ابْنِ يُونُسَ

قَوْلُهُ: [عَالِمَةً بِالتَّمْلِيكِ] : فَإِذَا ادَّعَتْ عَدَمَ الْعِلْمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ، فَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهَا وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَاسْتَظْهَرَ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَظَاهِرُهُ خَلْوَةُ زِيَارَةٍ أَوْ خَلْوَةُ بِنَاءٍ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا فِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ، وَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ، فَإِذَا انْتَفَى إقْرَارُهُمَا، أَوْ ثَبَتَ أَحَدُهُمَا فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي كَلَامَ الْأُجْهُورِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>