للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَنَزَلَ الدَّمُ بَعْدَ نُطْقِهِ بِالْقَافِ، (فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ) نُزُولِ (الثَّالِثَةُ وَ) أَمَّا (إنْ طَلُقَتْ بِحَيْضٍ) : أَيْ فِي حَالِ حَيْضِهَا (فَبِالرَّابِعَةِ) تَحِلُّ.

(وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ) الْعَقْدَ عَلَى أَحَدٍ (بِرُؤْيَتِهِ) : أَيْ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، بَلْ تَصْبِرَ يَوْمًا أَوْ جُلِّ يَوْمٍ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَرَجَعَ فِي (قَدْرِهَا) : أَيْ الْحَيْضَةِ (هُنَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ؛ (هَلْ هُوَ) : أَيْ

ــ

[حاشية الصاوي]

أُجِيبَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْجَمْعِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ شَائِعٌ قَالَ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] مَعَ أَنَّهُ شَهْرَانِ وَبَعْضُ ثَالِثٍ فَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا.

قَوْلُهُ: [وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ الْعَقْدَ] إلَخْ: حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَقَوْلُ ابْنُ وَهْبٍ: إنَّهَا لَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِ الدَّمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ النِّكَاحَ بِأَوَّلِ الدَّمِ، فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى حَمْلٍ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؟ وَهُوَ تَأْوِيلُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، لِأَنَّ نَدْبَ عَدَمِ التَّعْجِيلِ لَا يُنَافِي الْحِلِّيَّةَ بِأَوَّلِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، أَوْ خِلَافٌ بِحَمْلٍ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ؟ وَهُوَ تَأْوِيلُ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونَ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَلَامُ شَارِحِنَا مَا زَالَ مُحْتَمِلًا لِلْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الثَّالِثَةِ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ حَمْلَ {يَنْبَغِي} عَلَى النَّدْبِ، فَيَكُونُ مُخْتَارًا لِلتَّوْفِيقِ.

قَوْلُهُ: [وَرَجَعَ فِي قَدْرِهَا] إلَخْ: إنْ قُلْت هَذَا الرُّجُوعُ يُعَارِضُ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى حِلِّهَا بِأَوَّلِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ فِي قَدْرِهِ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الثَّالِثَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ، فَإِنْ انْقَطَعَ رَجَعَ فِيهِ النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ إنْ كَانَ أَوَّلُ الدَّمِ يُعَدُّ حَيْضًا كَانَ مُتَزَوِّجًا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ حَيْضًا كَانَ مُتَزَوِّجًا لَهَا فِيهَا وَلِذَلِكَ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ عِنْدَهُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ كَبَابِ الْعِبَادَةِ، فَالْمُصَنِّفُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَشَى فِي الرُّجُوعِ لِلنِّسَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>